المعنى : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ) قيل : ما بمعنى الذي ، أي : الذي نكح آباؤكم ، وقيل : هي مصدرية أي : كنكاح آبائكم (١) فيعم حلائل الآباء وسائر أنكحتهم الفاسدة ؛ لأنها لو كانت بمعنى الذي لقال : من نكح آباؤكم (٢).
قال الحاكم : مثل ذلك جائز إذا أريد به الجنس (٣).
وقوله : (مِنَ النِّساءِ) قال الثعلبي : هذا يعم الحرائر والإماء ، لكن الحرائر بالعقد والإماء بالوطء وقوله : (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) هذا استثناء منقطع لأن الماضي لا يستثنى من المستقبل ، والمعنى : لكن ما قد سلف ، ونظيره لا تبع من مالي إلا ما بعت ولا تأكل إلا ما أكلت (٤) ، ومنه (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) [الدخان : ٥٦] وما في قوله : (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) بمعنى الذي (٥). وقال أبو مسلم : معناه بعد الذي قد سلف (٦) ، وقوله : (إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً) قيل : الضمير يرجع إلى النكاح
__________________
ـ والاستقباح يقال : مقت إلى الناس مقتا فهو ممقوت ، ويقال : إن ولد الرجل من امرأة أبيه كان يسمى المقتى ، ومنهم الأشعث بن قيس ، وأبو معيط بن أبي عمرو بن أميه جد الوليد بن عقبة بن أبي معيط).
(١) المراد ولا تنكحوا الذي قد نكح آبائكم وذكر ما دون لأحد الوجهين فلأنه أريد به الصفة ، وإما لأن ما مصدرية على إرادة المفعول من المصدر.
(٢) انظر تفسير الطبري (٤ / ٦١) ، تفسير القرطبي (٥ / ١٠٣).
(٣) تفسير الحاكم.
(٤) تفسير الطبرسي (٤ / ٦٠).
(٥) زاد المسير (٢ / ٤٤) ، وقاله أيضا الضحاك والمفضل ، وفيه أيضا في قوله : (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) ستة أقوال ، القرطبي (٥ / ١٠٤).
(٦) تفسير الطبرسي (٤ / ٦٢) قال في الكشاف (فإن قلت كيف استثنى (ما قَدْ سَلَفَ) من (ما نَكَحَ آباؤُكُمْ)؟ قلت : كما استثنى (غير أن سيوفهم) من قوله : (ولا عيب فيهم) يعني : إن أمكنكم أن تنكحوا ما قد سلف ، فانكحوه ، فلا يحل لكم غيره. وذلك غير ممكن. والغرض المبالغة في تحريمه وسدّ الطريق إلى إباحته ، كما يعلق بالمحال في التأييد نحو قولهم : حتى يبيض القار ، و (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ)).