بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [النساء : ٢٥]
هذه الآية الكريمة [قد] تضمنت أحكاما :
الأول : تحريم نكاح الأمة للحر إلا بشرطين وهما : عدم الطول ، والثاني خشية العنت (١) ، وذلك مأخوذ من دليل الخطاب وهو مفهوم الشرط والكلام مسبوق في الأحرار لأنه تعالى قال : (فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) والملك إنما يصح من الأحرار ، والطول السعة (٢) في المال بأن يقدر على مهر الحرة.
وعن ابن عباس : من وجد ثلثمائة درهم فقد وجب عليه الحج ، وحرم عليه نكاح الأمة (٣) وبنى على حال يكون الثلاث المائة كافية.
والطول مشتق من الزيادة ومنه : يسمى الطويل ، والعنت : أصله انكسار العظم بعد الجبر ، فاستعير لكل مشقة ، وأريد الوقوع في الإثم لفرط شهوته ، هذا معنى كلام أهل التفسير ، وذكره في الشرح ، وذكر بعض المتأخرين أنه المشقة والتألم وإن لم يخش المعصية ، والظاهر الأول وقيل : العنت خشية أن يحد بمقارفة المعصية ، ثم اختلف العلماء : ما أريد بالنكاح هل العقد أو الوطىء؟ فمذهبنا والشافعي أنه العقد أي : من لم يستطع العقد.
وقال (أبو حنيفة) : أنه الوطىء فيجوز عنده للحر الغني الذي لا إمرأة له أن يتزوج بأمة لأنه غير مستطيع للوطىء فلو عقد على صغيرة أو غائبة وخشي العنت إن لم يتزوج وهو لا يقدر على حرة أخرى بل على أمة ففي (الشامل) لأصحاب الشافعي يجوز.
__________________
(١) القرطبي (٥ / ١٣٧ ـ ١٣٧).
(٢) ولعله يستثنى له ما يستثنى للمفلس كالمدبر ، والله أعلم (ح / ص).
(٣) الكشاف (١ / ٥٢٠).