وقوله تعالى : (حُدُودَ اللهِ) أراد فيما يلزمهما من حقوق الزوجية ؛ وذلك بما يحدث من النشوز ، وسوء الخلق.
وقوله تعالى : (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما) قيل : معناه فلا جناح على الزوج فيما أخذ ، ولا عليها فيما أعطت ، فلا يتوهم أنها عاصية بالإيتاء ، وإن عصت بغيره من أنواع النشوز ، وقيل : أضاف الإباحة إليهما لاقترانهما ، والمراد الزوج ، ونظيره : (نَسِيا حُوتَهُما) [الكهف : ٦١] والناسي هو فتى موسى لا موسى عليهالسلام ، ومثل قوله تعالى : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) [الرحمن : ٢٢] وإنما يخرج من الملح دون العذب.
وقوله تعالى : (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ) أي : أوامره ونواهيه ، في النكاح ، والطلاق ، والرجعة ، والعدة ، والخلع.
وهذه الآية الكريمة لها ثمرات ، وهي أحكام :
الأول : جواز ما يأخذ الزوج من زوجته ، عوضا عن الطلاق حال الخوف ، وإنما قلنا : عوضا عن الطلاق ؛ لأنه تعالى جعل ذلك افتداء لنفسها ، والافتداء حال الطلاق ، وجوازه عند الخوف ـ هو إجماع (١) ، ذكره أبو طالب ، والآية محكمة لا نسخ فيها ، وقد روي ذلك عن ابن عباس ، والحسن.
__________________
(١) المذهب أنه لا يصح إلا مع حصول النشوز ، ويمكن أن يقال : إذا فسر الخوف بالعلم لم يحصل إلا مع الوقوع ؛ لأن العلم هو الذي لا يحتمل النقيض ، ولا يكون كذلك قبل الوقوع ، فتتم الدعوى للإجماع مع تفسير الخوف بالعلم ، والله أعلم.
وفيه أن تفسير الخوف هنا بالعلم غير سديد ؛ لأنه لا يقال : علمت أن يقوم زيد ، لأن أن صلة للتوقع ، وهو ينافي العلم ، والله أعلم. (ح / ص).