فنزلت (١) ، وقيل : صنع عبد الرحمن بن عوف طعاما وشرابا ، فدعى نفرا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حين كانت مباحة ، فأكلوا وشربوا ، فلما ثملوا (٢) وجاء وقت صلاة المغرب قدم أحدهم يصلي بهم فقرأ : أعبد ما تعبدون ، وأنتم عابدون ما أعبد ، فنزلت (٣) ، فكانوا لا يشربون في أوقات الصلاة ، فإذا صلوا العشاء شربوها ، فلا يصبحون إلا وقد ذهب عنهم السكر ، وعلموا ما يقولون ، ثم نزل تحريمها.
وقيل : أنه سكر النعاس وغلبة النوم ، عن الضحاك ، واستدل عليه بقوله عليهالسلام : «إذا نعس أحدكم وهو يصلي فلينصرف لعله يدعو على نفسه وهو لا يدري» (٤).
__________________
(١) تفسير الطبري (٤ / ٩٨).
(٢) ثمل بالكسر ثملا إذا أخذ فيه الشراب فهو ثمل أي : نشوان تمت صحاح.
(٣) تفسير الطبري (٤ / ٩٨) وفي التهذيب للحاكم ما لفظه (قيل : أول الآية نزلت في ناس من الصحابة كانوا يشربون الخمر ، ويشهدون الصلاة ، وهم سكارى ، فلا يدرون كم صلوا ، وما يقولون في صلاتهم فنزلت الآية ، فكانوا يجتنبون الخمر في أوقات صلاتهم حتى نزلت تحريم الخمر في سورة المائدة ، وقيل : نزلت هذه الآية قبل تحريم الخمر فاجتمع ناس في دار عبد الرحمن فشربوا فصلى بهم فقرأ : أعبد ما تعبدون ، وأنتم عابدون ما أعبد ، في (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) ، فنزلت الآية ذكره الأصم ، وذكر أن عمر قال عند ذلك : اللهم إن الخمر تضر بالعقول والأموال فأنزل فيها أمرك ، فأنزل الله تعالى هذه الآية في المائدة ، وعن زيد بن حبيب أن رجالا من الأنصار كانت أثوابهم في المسجد فيصيبهم جنابة ولا ماء عندهم فيريدون الماء ، ولا يجدون ممرا إلا في المسجد فنزل قوله (إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) الآية ، وعن ابراهيم نزلت الآية في قوم من الصحابة أصابهم جراح ، وعن عائشة أنها نزلت في قوم من الصحابة أعوزهم الماء في السفر ، وروي عنها قالت : كنت في سفر مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فحل عقدي فأخبرت به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأمر بالتماسه فلم يوجد ، فأناخ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأناخ الناس فباتوا ليلتهم تلك فقال الناس : حبست عائشة الناس ، وعاتبني ابو بكر ، فلما أسفر الصبح لم يجد الناس الماء فنزلت آية التيمم ، ووجدنا العقد).
(٤) أخرجه واحتج به الطبرسي في تفسيره (٥ / ١١٢).