وهل يجزي عتق المدبر في كفارة القتل؟ أما مع إعساره فيجوز ؛ لأنها رقبة مؤمنة يجوز له بيعها للحاجة ، وأما مع يساره فجوزه القاضي زيد مع الكراهة (١) ، لأن الملك باق لمولاه ، ومنعه أبو طالب ؛ لأنه قد تعلق برقبته حق للعبد ، وكان ذلك نقصا.
وأما (أبو حنيفة) فهو يمنع من بيعه فلا يجوز عتقه في الكفارة ، كما قلنا في أم الولد.
تتمة لهذا الحكم
وهو أنه إذا تملك من يعتق عليه للرحامة ونوى بذلك عتقه عن الكفارة فإنه لا يجزيه عندنا و (الشافعي) ؛ والوجه أن الله تعالى قال : (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) وهذا لم يحررها ، بل عتق بغير إعتاقه ؛ ولأنه عتق بسبب متقدم فأشبه ما لو اعتق أم الولد. وقال (أبو حنيفة ، وصاحباه) : يجزيه ذلك.
الحكم الثالث
يتعلق بقوله تعالى : (وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) دل ذلك على لزوم الدية للورثة ؛ لأنهم المراد بالأهل ، وعلى صحة عفو الورثة وأترابهم.
قال جار الله رحمهالله : لأنها كالميراث ، يعني سائر تركات الميت في كل شيء فيقضى منها الدين ، وتنفذ الوصية ، فإن لم يكن وارث فلبيت المال (٢).
وفي الحديث عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنا وارث من لا وارث له» (٣).
__________________
(١) وهو المذهب.
(٢) الكشاف (١ / ٥٥٣).
(٣) احتج به الزمخشري في الكشاف (١ / ٥٥٣).