الحكم الرابع
يتعلق بقوله تعالى : (فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) يعني إذا كان المقتول مؤمنا ، وهو من أهل الحرب ولم يعلم بإيمانه فقتل ، ففي قتله الكفارة دون الدية ، وهذا مروي عن ابن عباس ، والحسن وقتادة ، والسدي ، وإبراهيم (١).
قال ابن زيد : لا تؤدى الدية إليهم ؛ لأنهم يتقوون بها.
واعلم. أن سقوط الدية لمن هذه حاله أخذا من إيجاب الله تعالى على قاتله الكفارة ، ولم يذكر الدية ، كما ذكرها في أول الآية وآخرها ، وهذا القول حكاه في الشرحين : شرح القاضي زيد ، و (شرح الإبانة) عن (أبي حنيفة).
وقال الناصر ، والشافعي : تجب الدية إن قتله خطأ مع الكفارة ، وإن قتله عمدا وجب القود ؛ أخذا بعموم قوله تعالى أول الآية : (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً) وهذا مؤمن ، ولخبر خالد بن الوليد في قتله لقوم من خثعم ، وقد اعتصموا بالسجود ، فجعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم نصف الدية.
ويجب القود في العمد بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «في العمد القود» ، والذي خرّجه أبو طالب للهادي ، وهو مروي عن مالك : أنه لا قود لأنها دار إباحة ، وتجب الدية في الخطأ مع الكفارة ، وقد قال في (الثعلبي) في حديث عياش وقتله للحارث أنه كان فيه الكفارة دون الدية ، وقد حكي أنه قتله بظهر قباء ، فكأن العلة ليست دار الحرب ، بل عدم العلم بإسلامه ، مع كونه من أعداء المسلمين.
ولو قتل مسلم مسلما في دار الحرب ، نحو أن يكونا تاجرين أو أسيرين ، فقد حكى في (شرح الإبانة) عن الناصر ، والشافعي : أن ذلك
__________________
(١) ابن كثير (١ / ٩٤٦).