قال المؤيد بالله : ولو حجر عليه للدين لم يكفر بالصوم ؛ لأنه واجد ، وإن منع منه.
وقوله تعالى : (فَصِيامُ شَهْرَيْنِ)
يتعلق به مسائل : الأولى : أن الشهر ينطلق على تمامه بالأهلة ، فلو صام من شهر قد انخرم بعضه اعتبر ما بعده بالأهلة ، وكمل المنخرم بتمام ثلاثين يوما ، هذا مذهبنا والشافعي وأبي يوسف ، ومحمد ، ورواية لأبي حنيفة ؛ لقوله تعالى في سورة البقرة : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِ) أي : لأحكام الناس ، وقد أمكنه اعتبار الهلال في أحد الشهرين فلزم ، ويعذر في الشهر الثاني ، فجعله بالعدد كمن غم عليه هلال رمضان حتى فاته يوم أو يومان فإنه يكمل بالعدد.
وقال (أبو حنيفة) في رواية : يكون الجميع بالعدد.
الثانية : إذا أخل بالتتابع لغير عذر لزمه الاستئناف ؛ لأنه لم يمتثل ما أمر به ، وأن أخل بالتتابع لعذر أيس من زواله ، ثم زال جاز له البناء ، ذكر ذلك عامة العلماء ، ويقدرون في الآية لمن أمكنه التتابع ، وهذا لم يمكنه التتابع.
فإن قيل : بل يمكنه التتابع بعد زوال العذر باستئناف الصوم فيما يخرجون عن عهدة الأمر.
أما لو حاضت المرأة فقد ادعى الإجماع أنه يجوز التفريق ، ولا ينتظر إلى الأياس ، وعلل أن انتظارها فيه تعريض لفوات الواجب ؛ لأنه يخشى عليها الموت ، فلعله يقاس على الحيض ما أيس من زواله (١).
فأما إذا كان العذر يرجى زواله كالمرض ، فهذا فيه خلاف بين السادة
__________________
(١) وهو جواب ما تقدم.