لأمر تميل إليه النفس ، وتهواه القلوب من غناء ، أو فقر ، أو قرابة ، بل يستوي عنده الدني ، والشريف ، والقريب ، والبعيد.
ومنه قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إياكم والإقراد» الحديث المعروف (١).
ويروى أن عمر رضي الله عنه أقام حدا على ولده فذاكره في حق القرابة ، فقال : إذا كان يوم القيامة شهدت عند الله أن أباك كان يقيم الحدود.
الحكم الثاني : أنه يجب الإقرار على من عليه الحق ، ولا يكتمه لقوله تعالى : (وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) قيل : أراد بالشهادة على النفس الإقرار ، وهذا ظاهر ولكن أخرج من هذا صورة ، وهي إذا كان صاحبه أن أخذه أنفقه في المعاصي ، فإنه لا يقرّ به ، ولا يسلمه له ؛ لأن فعله للحسن يكون سببا في فعل القبيح (٢) ، ذكر ذلك أبو رشيد ، وقاضي القضاة ، وأبو مضر ،
__________________
(١) الإقراد : هو أن يؤخر حاجة المسكين ، ويعجل قضاء حاجة الشريف والغني ، ويترك الآخرين مقردين ، أقرد الرجل : إذا سكت ذلا ، وأصله الغراب يقع على البعير يلتقط القردان ، فيقر ، ويسكن بما يجد من الراحة ، ذكره في النهاية.
فائق للزمخشري ، قالوا : يا رسول الله وما الإقراد؟ قال : الرجل يكون منكم أميرا ، أو عالما فيأتيه المسكين والأرملة فيقول لهم : مكانكم حتى أنظر في حوائجكم ، ويأتيه الشريف والغني فيدنيه ، ويقول : عجلوا فضاء حاجته) ويترك الآخرين مقردين ، يقال : أحرد ـ سكت حياء ، وأقرد : سكت ذلا ، وأصله أن يقع الغراب على البعير فيلتفط عنه القردان فيقرد لما يجد من الراحة. اه وذكره .. في تخريجه على البحر ، الذي تمم فيه تخريج الغفاري عن الهروي ، وبمعناه في الانتصار ، وأصول الأحكام.
(٢) وسيأتي مثل هذا في تفسير قوله تعالى : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) الآية وتكون يمينه أن ليس عنده وديعة يجب تسليمها ، كما يأتي. (ح / ص). وهو قول أبي مضر ، قواه ابن سليمان ، وهو ظاهر الأزهار ، وقال في الهداية : والقاضي عبد الله الدواري : يجب الرد وإلا ضمن ، قال : وعصيان العاصي على نفسه. اه يقال : يجب دفع المنكر بما أمكن ، كأخذ السلاح من يد من يريد قتل الغير عدوانا حيث لا يمكن دفعه بغير ذلك فتأمل. (ح / ص).