وقيل : يحتمل أن معنى قوله تعالى : (وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) أي : ولو كانت الشهادة وبالا ومضرة على أنفسكم وآبائكم ، بأن تكون الشهادة على سلطان ظالم ، وهذه المسألة فيها خلاف بين الفقهاء إذا خشي مضرة دون القتل هل تجب عليه الشهادة أم لا؟ فقيل : تجب ؛ لأنه لا يحفظ ماله بتلف مال غيره.
وعن الشافعي ، والمتكلمين ، وصحح للمذهب : أنه لا يجب ؛ لأن الشهادة أمر بمعروف ، وشروطه ألا يؤدي إلى منكر ، ولكن إنما يسقط عنه أداء الشهادة بحصول الظن بمضرته لا بمجرد الخشية ، وقد قال المؤيد بالله في الإفادة : على الشاهد أن يشهد وإن خشي على نفسه وماله ؛ لأن الذي يخشاه مظنون ، ولعله غير كائن ، فأوّل على أن مراده مجوز ، لا أنه قد ظن حصول المضرة.
وهل تجوز له الشهادة مع الخشية على نفسه؟.
قال في شرح الإبانة : يجوز إذا كان قتله إعزازا للدين ، كالنهي عن المنكر ، أما لو كتم لغير عذر فلا إشكال في عصيانه.
وعن ابن عباس : ذلك من الكبائر.
وقوله تعالى : (فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا) في معنى ذلك وجوه ثلاثة :
الأول : أن المراد لا تتبعوا الهوى لتعدلوا أي : لتكونوا فاعلين للعدل ، كقولك : لا تتبع هواك لترضي الله ، أي : كيما ترضي الله ، وهذا مروي عن الفراء.
الثاني : أن المراد فلا تتبعوا الهوى كراهة لفعل العدل بين الناس ، وإرادة لفعل الجور والحيف.