الثالث : أن المراد فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا أي : مريدين للعدول عن الحق إلى خلافه ، فيكون الثاني والأول بمعنى : العدل ، والثالث بمعنى : العدول.
وقوله تعالى : (وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا) [النساء : ١٣٥]
قراءة حمزة (وَإِنْ تلُوا) بضم اللام وواو واحدة ، من الولاية أي : تولوا إقامة الشهادة ـ أعرضتم عن إقامتها ، فإن الله عليم بذلك فيجازيكم ، وقراءة الباقين : (تَلْوُوا) بسكون اللام وواوين ، قيل : تلووا ألسنتكم بالتحريف.
عن ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، وابن زيد ، والضحاك ، وعطية ، وقيل : (تَلْوُوا) أي : تدفعوا مأخوذ من لي الغريم ، ومنه الحديث : «لي الغني ظلم» وقيل : تلووا أعناقكم عما أمركم الله أي : تعرضوا.
الحكم الثالث : يتعلق بقوله تعالى : (شُهَداءَ لِلَّهِ) أي : تشهدون لوجه الله كما أمركم ، وفي ذلك دلالة على أن أخذ الأجرة على تأدية الشهادة لا يجوز ؛ لأنه لم يقمها لله تعالى ، وقد استثنى أهل الفقه صورا جوزوا أخذ الأجرة على الشهادة ، منها : إذا طلب إلى موضع يجوز فيه الإرعاء جاز له أخذ الأجرة ؛ لأن الخروج غير واجب عليه (١).
ومنها : إذا كان غيره يشهد ويحصل به الحق فإن شهادته غير لازمة.
ومنها : أخذ القاضي الأجرة من بيت المال.
قالوا : لأن الوجوب على الإمام ، ولأن عتاب بن أسيد بعثه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قاضيا بمكة ، وجعل له في السنة أربعين أوقية ، وفرضت
__________________
(١) إلى موضع لمثله أجرة ، هكذا في الغيث ، وسواء كان فوق البريد ، أو دونه ، وهو ظاهر إطلاق أهل المذهب في الفروع ، وتكون الأجرة على قطع المسافة ، لا على النطق. (ح / ص).