وقوله تعالى (حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ) هذا تأكيد للحولين ، مثل قوله تعالى : (تِلْكَ عَشَرَةٌ) [البقرة : ١٩٦] لئلا يظن التساهل ، وأنه أراد أكثر الحولين ، فعبر بالحولين ، كقولك : أقمت عند فلان حولين كاملين ولم تستكملهما.
ثم اختلف العلماء ، فقال سفيان ، وابن جريج ، وغيرهما : هذا لكل مولود ، أن له في الرضاع حولين ، إلا أن يتراضيا بأقل من ذلك ، وهو رواية عن ابن عباس.
وقال ابن عباس في الرواية الظاهرة : ليس ذلك لكل مولود ، ولكن إن ولدت لستة أشهر فحولين ، وإن ولدت لسبعة فثلاثة وعشرين [شهرا] وإن ولدت لتسعة أشهر فأحدا وعشرين [شهرا] يطلب بذلك تكملة ثلاثين شهرا ، في الحمل والفصال. وقيل : إنما ذكر الحولين لبيان اللبن الذي يحرم إن حصل الرضاع من الراضع في الحولين حرم وإلا فلا ، وروي هذا عن علي عليهالسلام ، وابن مسعود ، وابن عباس (١) ، وابن عمر ، وعلقمة ، والشعبي ، والزهري.
وقوله (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) هذا بيان لمن توجه عليه الحكم ، وعن قتادة ، والربيع : فرض الله حولين كاملين ، ثم أنزل الرخصة بعد ذلك ، فقال : (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) يعني : أن هذا منتهى الرضاعة ، وليس فيما دون ذلك وقت محدود ، وإنما هو على قدر صلاح الصبي.
وقيل : اللام في قوله : (لِمَنْ أَرادَ) متعلقة ب (يُرْضِعْنَ) أي : يرضعن لمن أراد أن يتم الرضاعة من الآباء ، لأن الأب يجب عليه إرضاع الولد ، بأن يتخذ له ظئرا ، إلا إذا تطوعت الأم بإرضاعه ، فذلك مندوب لها ، ولا تجبر عليه
وقوله تعالى : (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَ) يعني : الطعام ، والإدام ،
__________________
(١) في القول غير الأشهر. (ح / ص).