قالوا : الرجعة حق لها فيصدّقان في إبطال حقهما ، والعدة حق لله تعالى فلا يصدّقان على إبطالها.
قلنا : قد سلمتم أن الموجب للعدة الدخول ، وأن العدة إنما تجب في الظاهر ، وأما فيما بينها وبين الله تعالى فلا تجب ، وهذا قد ذكره بعض المفرعين للمذهب ، وإطلاق الهادي عليهالسلام والحنفية الوجوب ، وإذا قلنا :
العلة للوجوب الوطء ، فيقال : لا يجب إلا أن تقرّ به ؛ لأن الأصل عدمه فحصل من هذا أن الدليل على إيجاب العدة مع الخلوة خفي ، ثم إنهم قالوا في التي لا تصلح للجماع : تستحب العدة ؛ لأن الزوج قد استحل بالخلوة ما هو محرم على غيره ، فأخذت شبها من التي تصلح. قال الأخوان : هذا الاستحباب إذا كانت ممن يشتهى مداناتها ، لا كبنت السنة والسنتين.
الحكم الثاني
يتعلق بقوله تعالى : (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) واعلم أن هذا الحكم متعلق بلفظ المطلقات ، وهو عام ، وقد خرج من هذا العموم الحامل ، فإن عدتها بالوضع ؛ لأن قوله تعالى في سورة الطلاق (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) [الطلاق : ٤] مخصص لهذا العموم.
ويخرج من هذا العموم الآيسة للكبر ، واللاتي لم تحض لصغر ، فإن قوله تعالى في آية الطلاق : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) [الطلاق : ٤] وهذا بيّن في من بلغت سن الأياس ، وفي من لم تبلغ سن الحيض.
ويتعلق بهذا الحكم فروع : الأول : إذا طلقت في سن لا تحيض فيه ، ومضى عليها بعض الشهور ثم حاضت ، فلا خلاف أنها تعتد بالحيض ؛ لأنها من ذوات الأقراء ، ولكن اختلف هل تحتسب ما اعتدت به من الشهور أم لا؟.