الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا) أي صاحبكم رسول الله ، ولكنّه إليكم خاصّة (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ) ، من اليهود الّذين يأمرونهم بالتكذيب (قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ) أي إنّا على مثل ما أنتم عليه (١).
[٢ / ٤٢١] وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عبّاس في قوله : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا) وهم منافقوا أهل الكتاب ، فذكرهم وذكر استهزاءهم ، وأنّهم (إِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ) على دينكم (إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) بأصحاب محمّد. يقول الله : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) في الآخرة ، يفتح لهم باب في جهنّم من الجنّة ثمّ يقال لهم : تعالوا ، فيقبلون فيسحبون في النّار ، والمؤمنون على الأرائك وهي السّرر في الحجال ينظرون إليهم ، فإذا انتهوا إلى الباب سدّ عنهم ، فضحك المؤمنون منهم فذلك قول الله : (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) في الآخرة ، ويضحك المؤمنون منهم حين غلّقت دونهم الأبواب. فذلك قوله : (فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ)(٢). (٣).
[٢ / ٤٢٢] وقال مقاتل بن سليمان : ثمّ أخبر عنهم فقال ـ سبحانه ـ : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا) يعني صدّقوا من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم (قالُوا) لهم : (آمَنَّا) صدّقنا بمحمّد. (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ) يعني رؤساء اليهود ، كعب بن الأشرف وأصحابه (قالُوا) لهم : (إِنَّا مَعَكُمْ) على دينكم (إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) بمحمّد وأصحابه (٤).
[٢ / ٤٢٣] وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا) قال : إذا أصاب المؤمنين رخاء ، قالوا : إنّا نحن معكم إنّما نحن إخوانكم ، وإذا خلوا إلى شياطينهم استهزأوا بالمؤمنين (٥).
[٢ / ٤٢٤] وأخرج الثعلبي عن الضحّاك عن ابن عبّاس في قوله تعالى : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا) قال : كان عبد الله بن أبيّ بن سلول الخزرجي عظيم المنافقين من رهط سعد بن عبادة ، وكان إذا لقي سعدا قال : نعم الدين دين محمّد. وكان إذا رجع إلى رؤساء قومه ، قالوا : هل نكفر؟ قال : سدّوا
__________________
(١) الدرّ ١ : ٧٩ ؛ الطبري ١ : ١٨٨ و ١٩٠ بعد رقم ٢٩٦ و ٣٠٤ ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٤٧ و ٤٨.
(٢) المطفّفين ٨٣ : ٣٤.
(٣) الدرّ ١ : ٧٨ ؛ الأسماء والصفات ٣ : ٦٥٧ ؛ القرطبي ١ : ٢٠٨ ؛ الثعلبي ١ : ١٥٧ ـ ١٥٨.
(٤) تفسير مقاتل ١ : ٩١.
(٥) الطبري ١ : ١٨٩ / ٣٠٢.