وكثرت ماشيته وأصابته عافية قال : لم يصبني منذ دخلت في ديني هذا إلّا خير ، (وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا) يقول : إذا ذهبت أموالهم وهلكت مواشيهم وأصابهم البلاء قاموا متحيّرين (١).
[٢ / ٥٥٠] وأخرج الثعلبي عن الوالبي عن ابن عبّاس في قوله تعالى : (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا) قال : هم اليهود لمّا نصر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ببدر طمعوا وقالوا : هذا والله النبيّ الّذي بشّرنا به موسى لا تردّ له راية ، فلمّا نكب باحد ارتدّوا وسكتوا (٢).
[٢ / ٥٥١] وأخرج ابن جرير عن عبد الرحمان بن زيد في قوله : (فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ) فقرأ حتّى بلغ : (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) قال : هذا أيضا مثل ضربه الله للمنافقين ، كانوا قد استناروا بالإسلام كما استنار هذا بنور هذا البرق (٣).
[٢ / ٥٥٢] وأخرج أحمد بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «القلوب أربعة : قلب أجرد فيه مثل السراج يزهر ، وقلب أغلف مربوط على غلافه ، وقلب منكوس ، وقلب مصفح ، فأمّا القلب الأجرد فقلب المؤمن ، فسراجه فيه نوره ، وأمّا القلب الأغلف فقلب الكافر ، وأمّا القلب المنكوس فقلب المنافق ، عرف ثمّ أنكر ، وأمّا القلب المصفح فقلب فيه إيمان ونفاق ، ومثل الإيمان فيه كمثل البقلة يمدّها الماء الطيّب ، ومثل النفاق فيه كمثل القرحة يمدّها القيح والدم ، فأيّ المادّتين غلبت على الأخرى غلبت عليه» (٤). قال ابن كثير : وهذا إسناد جيّد حسن.
[٢ / ٥٥٣] وروي عن ابن عبّاس في قوله : (وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا) قال : أي ثبتوا على نفاقهم (٥).
[٢ / ٥٥٤] وقيل : المعنى كلّما صلحت أحوالهم في زروعهم ومواشيهم وتوالت النعم قالوا : دين محمّد دين مبارك ، وإذا نزلت بهم مصيبة وأصابتهم شدّة سخطوا وثبتوا في نفاقهم ، عن ابن مسعود وقتادة (٦).
__________________
(١) الطبري ١ : ٢٢٤ ـ ٢٢٥ / ٣٨٤ ؛ الثعلبي ١ : ١٦٥ ـ ١٦٦ بمعناه.
(٢) الثعلبي ١ : ١٦٦ ؛ القرطبي ١ : ٢٢٤.
(٣) الطبري ١ : ٢٢٥ / ٣٨٧.
(٤) مسند أحمد ٣ : ١٧ ؛ الدرّ ١ : ٢١٥ ؛ مجمع الزوائد ١ : ٦٣ ، وقال الهيثمي : رواه أحمد والطبراني في الصغير ؛ ابن كثير ١ : ٥٩. والمصفح : المتقلّب. يقال : أصفح الشيء أي قلبه.
(٥) القرطبي ١ : ٢٢٣.
(٦) المصدر.