[٢ / ٨٢١] وأخرج عبد الرزّاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : لمّا ذكر الله العنكبوت والذباب قال المشركون : ما بال العنكبوت والذباب يذكران؟ فأنزل الله : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها)(١).
[٢ / ٨٢٢] وروى ابن كثير بإسناده إلى سعيد عن قتادة قال : أي : إنّ الله لا يستحيي من الحقّ أن يذكر شيئا ممّا قلّ أو كثر وإنّ الله حين ذكر في كتابه الذباب والعنكبوت ، قال أهل الضلالة : ما أراد الله من ذكر هذا؟ فأنزل الله : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها)(٢).
[٢ / ٨٢٣] وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : لمّا أنزلت (يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ) قال المشركون : ما هذا من الأمثال فيضرب أو ما يشبه هذا الأمثال! فأنزل الله : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها) لم يرد البعوضة إنّما أراد المثل (٣).
[٢ / ٨٢٤] وروي عن الإمام أبي محمّد العسكري عليهالسلام ، قال : قال الباقر عليهالسلام : «فلمّا قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ) وذكر الذباب في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) الآية ، ولمّا قال : (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) ، وضرب المثل في هذه السورة (البقرة) بالّذي استوقد نارا ، وبالصيّب من السماء ، قالت الكفّار والنواصب : ما هذا من الأمثال فيضرب ، يريدون به الطعن على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال الله : يا محمّد (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي) ، لا يترك حياء (أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً) للحقّ يوضّحه به عند عباده المؤمنين (ما بَعُوضَةً) أي ما هو بعوضة (فَما فَوْقَها) فوق البعوضة ، وهو الذباب ، يضرب به المثل إذا علم أنّ فيه صلاح عباده المؤمنين ونفعهم» (٤).
__________________
(١) الدرّ ١ : ١٠٣ ؛ عبد الرزّاق ١ : ٢٦٢ / ٢٧ ؛ الطبري ١ : ٢٥٦ ـ ٢٥٧ / ٤٦٤ وفيه : «قال أهل الضلالة» بدل قوله : «قال المشركون». وهو أقرب للصواب ، نظرا لأنّ الآية مدنيّة ؛ ابن أبي حاتم ١ : ٦٩ / ٢٧٣ ، وزاد : وروي عن الحسن وإسماعيل بن أبي خالد نحو قول السدّي وقتادة : القرطبي ١ : ٢٤٢ ، بلفظ : قال الحسن وقتادة : لما ذكر الله الذباب والعنكبوت في كتابه وضرب للمشركين به المثل ضحكت اليهود وقالوا : ما يشبه هذا كلام الله. فأنزل الله الآية ؛ ابن كثير ١ : ٦٧ ، قال ابن كثير : قلت : العبارة الأولى (قال المشركون) عن قتادة ، فيها إشعار بأنّ هذه الآية مكيّة وليس كذلك وعبارة رواية سعيد عن قتادة أقرب والله أعلم ؛ أبو الفتوح ١ : ١٧٥.
(٢) ابن كثير ١ : ٦٧ ؛ التبيان ١ : ١١١.
(٣) الدرّ ١ : ١٠٣ ؛ ابن كثير ١ : ٦٧ ، بلفظ : قال ابن أبي حاتم : روي عن الحسن وإسماعيل بن أبي خالد نحو قول السدّي وقتادة.
(٤) تفسير الإمام : ٢٠٥ / ٩٥ ؛ البحار ٢٤ : ٣٨٨ / ١١٢.