(هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً) ـ الحروريّة هم؟ قال : لا ، ولكنّهم أصحاب الصوامع. والحروريّة قوم زاغوا فأزاغ الله قلوبهم (١).
[٢ / ٨٤٩] وروى ابن كثير بإسناده إلى شعبة عن عمرو بن مرّة عن مصعب بن سعد قال : سألت أبي عن هذه الآية؟ فقال : هم الحروريّة.
قال ابن كثير : وهذا الإسناد وإن صحّ عن سعد بن أبي وقّاص فهو تفسير على المعنى (أي الأخذ بشمول مفهوم الآية العام) لا أنّ الآية أريد منها التنصيص على الخوارج الّذين خرجوا على عليّ عليهالسلام بالنهروان ، فإنّ أولئك لم يكونوا حال نزول الآية وإنّما هم داخلون بوصفهم فيها مع من دخل ، لأنّهم سمّوا خوارج لخروجهم عن طاعة الإمام وعن القيام بشرائع الإسلام. والفاسق في اللغة هو الخارج عن الطاعة أيضا. وتقول العرب : فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرتها. ولهذا يقال للفأرة : فويسقة لخروجها عن جحرها للفساد (٢).
[٢ / ٨٥٠] وقال مقاتل بن سليمان ، بعد ذهابه إلى أنّ المراد منها اليهود : ثمّ أخبر فقال ـ سبحانه ـ : (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ) فنقضوا العهد الأوّل ، ونقضوا ما أخذ عليهم في التوراة ، أن يعبدوا الله ، ولا يشركوا به شيئا ، وأن يؤمنوا بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وكفروا بعيسى وبمحمد عليهماالسلام وآمنوا ببعض الأنبياء ، وكفروا ببعض ، (وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) يعني ويعملون فيها بالمعاصي (أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) في العقوبة يعني اليهود ونظيرها في الرعد (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) من إيمان بمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم (وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)(٣).
[٢ / ٨٥١] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله : (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ) قال : إيّاكم ونقض هذا الميثاق ، فإنّ الله قد كره نقضه وأوعد فيه ، وقدّم فيه في آي من القرآن حجّة وموعظة ونصيحة ، وإنّا لا نعلم الله ـ جلّ ذكره ـ أوعد في ذنب ما أوعد في نقض هذا الميثاق. فمن أعطى عهد الله وميثاقه من ثمرة قلبه فليف به لله (٤).
__________________
(١) هامش المستدرك ٢ : ٣٧٠.
(٢) ابن كثير ١ : ٦٨ ـ ٦٩.
(٣) تفسير مقاتل ١ : ٩٥. والآية من سورة الرعد ١٣ : ٢٥.
(٤) الطبري ١ : ٢٦٥ / ٤٧٦ ؛ الدرّ ١ : ١٠٤ ، بتفاوت يسير.