السماء في العدد السبع؟! ولا سيّما في آيات التكوين ، ما المبرّر لذكر الأرض واحدة لو كانت سبعا؟!
على أنّ اللام في (وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) للعهد ، أي الأرض المعهودة لدى المخاطبين وهم العرب يومذاك ، ولا يعرفون سوى هذه الأرض الّتي نعيش عليها! (١).
فلا بدّ أنّ هذه الأرض خلقت مثل السماوات السبع ، مثلا في الإبداع والتكوين.
هذا ، بالإضافة إلى أنّ التعبير ب (وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) ـ لو اريد العدد ـ ليستدعي أن يكون من هذه الأرض (نفس كرة الأرض الّتي نعيش عليها) جعلت سبعا ، الأمر الّذي يعني سبع قطاع منها وهي المناطق الكبرى المعمورة منها. وهذا هو المراد بالأرضين السبع الواردة في الأدعية المأثورة وفي الأحاديث ، ودارت على ألسن العارفين.
وإطلاق الأرض على المعمورة منها شائع في اللغة ، وجاء في القرآن أيضا حيث قوله تعالى ـ بشأن المفسدين ـ : (أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ)(٢) أي من البلاد العامرة حسبما فسّره الفقهاء.
وكذا إطلاقها على مطلق البقاع ، كقوله تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها)(٣). والمراد البقعة الميتة منها.
وبعد ، فإنّ قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) ظاهر كلّ الظهور في إرادة سماوات سبع ، وجاءت بلفظ تنكير. وأرض واحدة جاءت بلفظ تعريف. وأنّ المثليّة تعني جانب الإبداع والتكوين ، وعلى فرض إرادة العدد فهي البقاع والمناطق المعمورة منها ومن ثمّ جاء بلفظ (مِنَ الْأَرْضِ) أي وجعل من هذه الأرض أيضا سبعا حسب المناطق. وإلّا فلو كان أراد سبع كرات من مثل كرة الأرض ، لكان الأولى أن يعبّر بسبع سماوات وسبع أرضين ، وكان أخصر وأوفى بالمعنى.
__________________
(١) وحتّى البشريّة اليوم لا تعرف أرضا بهذا الاسم سوى الّتي نعيش عليها. على أنّ الأرض اسم علم شخصي لهذه الكوكبة نظير أسامي سائر الكواكب ، وليست كالسماء اسم جنس عامّ. ومن ثمّ قالوا : كلّ ما علاك سماء وما تطأه قدمك أرض! قال تعالى : (وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ) ، الرّحمان ٥٥ : ١٠.
(٢) المائدة ٥ : ٣٣.
(٣) يس ٣٦ : ٣٣.