رسول الله أرأيت آدم أنبيّا كان؟ قال : نعم كان نبيّا رسولا كلّمه الله قبلا ، قال له : (يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)(١).
قوله تعالى : (وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)
[٢ / ١١٨٣] أخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر عن عطاء قال : لمّا سجدت الملائكة لآدم نفر إبليس نفرة ثمّ ولّى مدبرا وهو يلتفت أحيانا ينظر هل عصى ربّه أحد غيره؟ فعصمهم الله. ثمّ قال الله لآدم : قم يا آدم فسلّم عليهم. فقام فسلّم عليهم وردّوا عليه ، ثمّ عرض الأسماء على الملائكة فقال الله لملائكته : زعمتم أنّكم أعلم منه (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. قالُوا سُبْحانَكَ) إنّ العلم منك ولك ، (لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا). فلمّا أقرّوا بذلك (قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) فقال آدم : هذه ناقة ، جمل ، بقرة ، نعجة ، شاة ، فرس ، وهو من خلق ربّي. فكلّ شيء سمّى آدم فهو اسمه إلى يوم القيامة ، وجعل يدعو كلّ شيء باسمه حين يمرّ بين يديه حتّى بقي الحمار وهو آخر شيء مرّ عليه. فجاء الحمار من وراء ظهره فدعا آدم : أقبل يا حمار! فعلمت الملائكة أنّه أكرم على الله وأعلم منهم.
ثمّ قال له ربّه : يا آدم ادخل الجنّة تحيا وتكرم ، فدخل الجنّة فنهاه عن الشجرة قبل أن يخلق حوّاء. فكان آدم لا يستأنس إلى خلق في الجنّة ، ولا يسكن إليه ، ولم يكن في الجنّة شيء يشبهه ، فألقى الله عليه النوم وهو أوّل نوم كان ، فانتزعت من ضلعه الصغرى من جانبه الأيسر فخلقت حوّاء منه ، فلمّا استيقظ آدم فجلس فنظر إلى حوّاء تشبهه من أحسن البشر ، ولكلّ امرأة فضل على الرجل بضلع ، وكان الله علّم آدم اسم كلّ شيء فجاءته الملائكة فهنّوه وسلّموا عليه. فقالوا : يا آدم ما هذه؟ قال : هذه مرأة. قيل له : فما اسمها؟ قال : حوّاء. فقيل له : لم سمّيتها حوّاء؟ قال : لأنّها خلقت من حيّ. فنفخ بينهما من روح الله فما كان من شيء يتراحم الناس به فهو من فضل رحمتهما (٢).
__________________
(١) الدرّ ١ : ١٢٦ ؛ الأوسط ٤ : ٣٠٠ ـ ٣٠١ ؛ العظمة ٥ : ١٥٥٣ ـ ١٥٥٤ / ١٠١٦ ، باب ٤٥ (خلق آدم وحوّاء) باختلاف ؛ ابن كثير ١ : ٨٢ ، بلفظ : ... عن أبي ذرّ قال : قلت : يا رسول الله أرأيت آدم أنبيّا كان؟ قال : «نعم نبيّا رسولا يكلّمه الله قبيلا» ـ أي عيانا ـ فقال : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ ...) ؛ مجمع الزوائد ٨ : ١٩٨ ، كتاب الأنبياء ، باب ذكر نبيّنا آدم ؛ الكامل لابن عديّ ٣ : ٣٤١.
(٢) الدرّ ١ : ١٢٨ ؛ ابن عساكر ٦٩ : ١٠٢ ـ ١٠٣ ، رقم ٩٣٢٥ ، ترجمة حميدة بنت عمرو.