بعد؟!
قلت : مع غضّ النظر عن صحّة أسانيدها ـ وقد عرفت أنّ بعضهم صحّحها كالحاكم النيسابوري في المستدرك (١) ـ لا غرو بعد كونهم أنوارا محلّقين في ظلّ العرش ، قبل أن يخلق آدم بأحقاب.
[٢ / ١٤٥٥] فقد أخرج محبّ الدين الطبري في كتابه «الرياض النضرة في فضائل العشرة» بالإسناد إلى سلمان الفارسي ـ رضوان الله عليه ـ قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «كنت أنا وعليّ نورا بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام» (٢).
وغيرها من روايات ، يجدها المراجع بوفرة في مظانّها.
هذا مضافا إلى إمكان معرفة آدم بشأن الطيّبين من ذرّيته ، علّمه الله يوم علّمه الأسماء ، فاستغلّ فرصة الاستشفاع بجاههم العظيم عند الله ، ولا ريب أنّهم الشفعاء عند الله لجميع الخلائق من الأوّلين والآخرين ، وقد مرّ عليك بعض الأحاديث بهذا الشأن.
وبعد ، ألم يكن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم باهل نصارى نجران بأهل بيته عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام (٣) حيث وجدهم عظماء عند الله ، وذوي وجوه مقبولة لديه سبحانه وتعالى ، فلا استغراب أن يتوسّل آدم بهم في التوصّل إلى قربه تعالى ، لمكان معرفته بشأنهم الرفيع عند الله.
***
وهناك روايات أخر تجعل الكلمات الّتي تلقّاها آدم ، هي تعلّم مراسم الحجّ والدعاء والاستغفار عند البيت الحرام. علّمه الله إيّاها ليقوم بأدائها كملا فتقبل توبته.
[٢ / ١٤٥٦] أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق أبي إسحاق السّبيعي عن رجل من تميم ، قال : أتيت ابن عبّاس فسألته : ما الكلمات الّتي تلقّى آدم من ربّه؟ قال : علم شأن الحجّ ، فهي الكلمات (٤).
[٢ / ١٤٥٧] وأخرج الأزرقي في تاريخ مكّة والطبراني في الأوسط والبيهقي في الدعوات وابن
__________________
(١) الحاكم ٢ : ٢١٥. ذكر الحديث وعقّبه بقوله : هذا حديث صحيح الإسناد.
(٢) الرياض النضرة ٢ : ١٦٤. قال : وخرّجه أحمد في المناقب. (فضائل الخمسة ، الفيروز آبادي) ١ : ١٦٨.
(٣) راجع تفصيل الحديث في الكشّاف ١ : ٣٦٨ ـ ٣٦٩.
(٤) ابن أبي حاتم ١ : ٩١ / ٤٠٨ ؛ ابن كثير ١ : ٨٥ ؛ الدرّ ١ : ١٤٥.