[٢ / ١٦٠] وفي ثالثة أيضا عن الصادق عليهالسلام «في قول الله ـ عزوجل ـ : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ). قال : هو الإيمان» (١).
[٢ / ١٦١] وفي رابعة أيضا عنه عليهالسلام «في قوله تعالى : (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) ، قال : هو الإيمان. وفي قوله تعالى : (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى)(٢) ، قال : هو الإيمان» (٣).
نعم ، ألزمهم كلمة التقوى ، وكانوا أحقّ بها وأهلها ـ كما نصّت عليه الآية ـ بفضل إيمانهم الراسخ وثباتهم على الطريقة (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً)(٤). والماء الغدق هي التقوى والحكمة الرشيدة. فقد صدق الله ورسوله والصفوة من عترته الأطيبين.
[٢ / ١٦٢] وقال عليّ بن إبراهيم : والإيمان في كتاب الله على أربعة وجوه : فمنه إقرار باللسان ، وقد سمّاه الله تبارك وتعالى إيمانا ، ومنه تصديق بالقلب ، ومنه الأداء ، ومنه التأييد. فأمّا الإيمان الّذي هو إقرار باللسان وقد سمّاه الله تبارك وتعالى إيمانا ونادى أهله به فقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً. وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً. وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً)(٥) ، قال الصادق عليهالسلام : لو أنّ هذه الكلمة قالها أهل المشرق وأهل المغرب لكانوا بها خارجين من الإيمان ، ولكن قد سمّاهم الله مؤمنين بإقرارهم. وقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ)(٦) فقد سمّاهم الله مؤمنين بإقرارهم ثمّ قال لهم : صدّقوا.
وأمّا الإيمان الّذي هو التصديق بالقلب فقوله : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ. لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ)(٧) ، يعني أقرّوا وصدّقوا. وقوله : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى)(٨) ، أي لا نصدّقك وقوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) أي يا أيها الّذين أقرّوا وصدّقوا ، فالإيمان الخفيّ هو التصديق ، وللتصديق شروط لا يتمّ التصديق إلّا بها ، وقوله : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ
__________________
(١) المدر / ٤.
(٢) الفتح ٤٨ : ٢٦.
(٣) الكافي ٢ : ١٥ / ٥.
(٤) الجنّ ٧٢ : ١٦.
(٥) النساء ٤ : ٧١ ـ ٧٣.
(٦) النساء ٤ : ١٣٦.
(٧) يونس ١٠ : ٦٣ ـ ٦٤.
(٨) البقرة ٢ : ٥٥.