واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)(١) فهذا ما فرض الله على اللّسان وهو عمله.
وفرض على السمع أن يتنزّه عن الاستماع إلى ما حرّم الله ، وأن يعرض عمّا لا يحلّ له ممّا نهى الله ـ عزوجل ـ عنه والإصغاء إلى ما أسخط الله ـ عزوجل ـ فقال في ذلك : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ)(٢) ثمّ استثنى الله ـ عزوجل ـ موضع النسيان فقال : (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)(٣) وقال : (فَبَشِّرْ عِبادِ. الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ)(٤) وقال عزوجل : (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ)(٥) وقال : (وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ)(٦) وقال : (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً)(٧) فهذا ما فرض الله على السمع من الإيمان أن لا يصغي إلى ما لا يحلّ له وهو عمله وهو من الإيمان.
وفرض على البصر أن لا ينظر إلى ما حرّم الله عليه ، وأن يعرض عمّا نهى الله عنه ممّا لا يحلّ له ، وهو عمله وهو من الإيمان ، فقال تبارك وتعالى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ)(٨) ، فنهاهم أن ينظروا إلى عوراتهم وأن ينظر المرء إلى فرج أخيه ويحفظ فرجه أن ينظر إليه وقال : (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَ)(٩) من أن تنظر إحداهنّ إلى فرج اختها وتحفظ فرجها من أن ينظر إليها. وقال : كلّ شيء في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزّنا إلّا هذه الآية ، فإنّها من النظر.
ثمّ نظّم ما فرض على القلب واللّسان والسمع والبصر في آية اخرى فقال : (وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ)(١٠) يعني بالجلود : الفروج والأفخاذ وقال :
__________________
(١) العنكبوت ٢٩ : ٤٦.
(٢) النساء ٤ : ١٤٠.
(٣) الأنعام ٦ : ٦٨.
(٤) الزمر ٣٩ : ١٨.
(٥) المؤمنون ٢٣ : ١ ـ ٤.
(٦) القصص ٢٨ : ٥٥.
(٧) الفرقان ٢٥ : ٧٢.
(٨) النور ٢٤ : ٣٠.
(٩) النور ٢٤ : ٣١.
(١٠) فصلت ٤١ : ٢٢.