الجزاء عند من خالفنا ، ولا نصّ لأصحابنا فيه ، والأولى أن نقول لا جزاء فيه ، لانّه لا دليل عليه ، والأصل براءة الذمّة ، وذلك كالمتولّد بين ما يجب فيه الجزاء وما لا يجب كالسّمع المتولّد من الضبع والذئب ، والمتولّد من الأهلي والوحشيّ.
والثّالث مختلف فيه ، وهو الجوارح من الطير كالبازيّ والصّقر والشاهين والعقاب ، فلا يجب عندنا فيه شيء من الجزاء ، وقد روى أنّ في الأسد كبشا وفي الخلاف قطع بوجوب الكبش في الأسد.
والحقّ أنّ وجوب الكفّارة دائر مع وجود الدّليل ، فما قام عليه الدليل وجبت فيه ، وأنّ المدار على صدق الاسم والتولّد بين القسمين لا ينافيه مع الصّدق وربما ذهب بعض أصحابنا إلى أنّ المراد بالصّيد هو الحيوان المحلّل الممتّع بالأصالة وجعل تحريم بعض الحيوان الغير المحلّل مستفادا من الدّليل الخارجي ، وإليه يذهب الشافعي من العامّة ، والأوّل أظهر.
قال البيضاوي (١) واختلف في أنّ هذا النهي هل يلغى حكم الذبح فيلحق مذبوح المحرم بالميتة ومذبوح الوثنيّ ، أولا فيكون كالشاة المغصوبة إذا ذبحها الغاصب قلت فعلى الأوّل لا يجوز أكله إلّا مع الضرورة كالميتة ، وعلى الثّاني يجوز للمحلّ دون المحرم.
ولا يذهب عليك أنّ هذا الاختلاف واقع بين أصحابنا لكن إذا ذبح المحرم له في الحلّ لا في الحرم فالأكثر منهم على أنّه حرام بمنزلة الميتة في النّجاسة ، وتحريم جميع الانتفاعات ، ذهب إلى ذلك الشيخ في جملة من كتبه ، وابن إدريس وابن البرّاج ، بل قال العلّامة في المنتهى أنّه قول علمائنا أجمع ، وقال الصدوق في المقنع ومن لا يحضره الفقيه : وإن أصاب المحرم صيدا خارجا عن الحرم فذبحه ثمّ أدخله الحرم مذبوحا وأهداه إلى رجل محلّ فلا بأس بأكله ، وإنّما الفداء على الّذي أصابه ، وبمثله قال ابن الجنيد ، وهو الظاهر من كلام شيخنا المفيد ، والسيّد المرتضى ، وإليه ذهب جماعة.
__________________
(١) انظر البيضاوي ص ١٦٢ ط المطبعة العثمانية عند تفسير الآية.