أو في العرف بحيث يصدق أنّه فعل لأجل حصوله ، وإن كان في هذه الصورة لا يخلو من القصد أيضا.
[وأما ما ينقل عن بعض الأكابر أنّ خيّاطا قال له إنّى أخيط للسلطان ثيابه فهل تراني داخلا بهذا في أعوان الظّلمة؟ فقال : الدّاخل في أعوان الظّلمة من شوّك الابر والخيوط أمّا أنت فمن الظلمة أنفسهم ، فالظاهر أنّه محمول على نهاية المبالغة في الاحتراز عنهم ، وإلّا فالأمر مشكل] (١).
وقد يستفاد من الآية أنّ تعاقب الأيدي على الحسنة يوجب تعدّد ثوابها بالنسبة إلى من جرت على يده وإن تعدّد ، من غير أن ينقص صاحبها من الثواب الّذي قدّر له الشّارع ، وكذا تعاقبها على الإثم يوجب تعدّده من غير أن ينقص صاحبها من الإثم الّذي قدّر له.
(وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) أمر منه تعالى بالتقوى ووعيد وتهديد لمن تعدّى حدوده وتجاوز أمره.
الثالثة : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) (٢).
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) لا يريد بهذا الفعل حالا ولا استقبالا وإنّما يريد استمرار الصدّ منهم ، والمنع للنّاس في جميع الأوقات عن طاعة الله كقولك فلان يعطى ويمنع ، أي هكذا صفته ، ومن ثمّ حسن عطفه على الماضي (٣)
__________________
(١) ما بين العلامتين من زيادات نسخة سن.
(٢) الحج : ٢٥.
(٣) الأصل في عطف الجمل أن تتفق الجملتان في الاسمية والفعلية والفعليتان في الماضوية والمضارعة وقد يعدو عن ذلك لأغراض كحكاية الحال الماضية واستحضار الصورة الغريبة في الذهن ـ