يوم خلق السّموات والأرض ، فهي حرام إلى أن تقوم الساعة ، لم يحلّ لأحد قبلي ولا بعدي ، ولم يحلّ لي إلّا ساعة من النّهار ، وحينئذ فيكون الحرمة مؤكّدة بدعائه عليهالسلام.
وقال بعضهم كان حراما قبل الدّعوة بوجه غير الوجه الّذي صارت به حراما بعدها فالأوّل بمنع الله إيّاها من الاضطلام والايتفاك كما لحق غيرها من البلاد ، وبما جعل في النفوس من تعظيمها والهيبة لها ، والثاني الأمن من الجدب والقحط لانه أسكنهم بواد غير ذي زرع كما أخبر تعالى عنه في موضع آخر ولم يسئله أمنه من ايتفاك وخسف لأنّه كان آمنا من ذلك.
وقد يرجّح الأوّلين قوله (وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ) لكونه حينئذ تأسيسا واشتمال الدعاء على أن يجتمع لهم الأمن والرّزق وخصب العيش فيكونون في رغد من العيش ، وفي الرّواية (١) عن الباقر عليهالسلام المراد بذلك أنّ الثمرات تحمل إليهم من الآفاق وعن الصّادق عليهالسلام قال (٢) هو ثمرات القلوب أي حبّبهم إلى النّاس ليتوبوا إليهم.
(مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) بدل من أهله بدل البعض قصدا إلى تخصيص
__________________
ـ وقد رواه أهل السنة أيضا انظر فتح الباري ج ٤ ص ٤١٣ الى ص ٤٢١ وشرح النووي على صحيح مسلم ج ٩ من ص ١٢٣ الى ص ١٣٠ وسنن البيهقي ج ٥ ص ١٩٥ وغيرها من كتبهم وذكر في الفتح في الجمع بين الحديث والحديث الماضي من ان إبراهيم حرم مكة وجوها منها أن إبراهيم حرم مكة بأمر الله لا باجتهاده ، ومنها أن الله قضى يوم خلق السموات والأرض ان إبراهيم سيحرم مكة ومنها أن إبراهيم أول من أظهر تحريمها بين الناس أو أول من أظهرها بعد الطوفان ومنها ان المراد أن مكة من محرمات الله فيجب امتثال ذلك وليس من محرمات الناس يعني في الجاهلية بل تحريمها ثابت بالشرع فلا يسوغ الاجتهاد في تركه.
(١) المجمع ج ١ ص ٢٠٦ وعنه البرهان ج ١ ص ١٥٤.
(٢) المجمع ج ١ ص ٢٠٦ وعنه البرهان ج ١ ص ١٥٤.