قعدك الله بالنّصب أي أسأل الله أن يقعدك أي يثبّتك ، ورفع الأساس البناء عليها ، لأنّه إذا بني عليها نقلت من هيئة الانخفاض إلى هيئة الارتفاع ، وتطاولت بعد التقاصر ويجوز أن يكون المراد بها سافات البنا ، فانّ كلّ ساف قاعدة للّذي يبنى عليه ، ويوضع فوقه ، ومعنى رفع القواعد رفعها بالبناء لأنّه إذا وضع سافا فوق ساف فقد رفع السّافات.
قال الشيخ في التبيان (١) أكثر المفسّرين على أنّ إبراهيم وإسماعيل معا رفعا القواعد وقال ابن عبّاس كان إبراهيم يبني وإسماعيل يناوله الحجارة ، ولما كان له دخل في البناء عطف عليه ، قلت ويؤيّد الأوّل [ظاهر الآية فإنّه تعالى عطف إسماعيل على إبراهيم فلا بدّ وأن يكون العطف في فعل من الأفعال الّتي سلف ذكرها ، ولم يتقدّم إلّا رفع القواعد.
و] ما في رواية الكلينيّ عن (٢) الصّادق عليهالسلام إنّ الله تعالى أنزل أربعة أملاك يجمعون إليه الحجارة ، فكان إبراهيم وإسماعيل يضعان الحجارة ، والملائكة تناولهما ونقل الشيخ في التبيان عن شذاذ أنّ إبراهيم وحده رفعها ، وكان إسماعيل صغيرا حينئذ ثمّ قال : وهو ضعيف لأنّه خلاف ظاهر اللّفظ وخلاف أقوال المفسّرين.
وقد اختلفت الرّواية في كيفيّة بناء البيت (٣) فالمرويّ بين أصحابنا عن أئمّتهم عليهمالسلام
__________________
(١) التبيان ج ١ ص ١٥٧ ط إيران.
(٢) جزء من حديث طويل في ج ١ ص ٢٢٠ باب حج إبراهيم وبنائهما البيت الحديث ٣ وهو في المرآة ج ٣ ص ٢٥٥.
(٣) قد مر في ص ٩٨ حديث بناء الملئكة للكعبة وترى هنا احاديث بناء آدم وإبراهيم وإسماعيل إياها وذكر رشدي الصالح في ملحقاته على اخبار مكة للازرقى من ص ٣٥٥ الى ص ٣٧٣ ج ١ أن ما يتحصل مما أوضحه الأزرقي واتفق عليه المؤرخون الآخرون أن الكعبة بنيت عشر مرات : وهي : ١ ـ بنائه الملائكة. ٢ ـ بنائه آدم. ٣ ـ بنائه شيث. ٤ ـ بنائه إبراهيم وإسماعيل. ٥ ـ بنائه العمالقة. ٦ ـ بنائه جرهم. ٧ ـ بنائه قصى. ٨ ـ بنائه ـ