(وَأَرِنا مَناسِكَنا) عرّفناها ، ومن ثمّ لم يتعدّ إلّا إلى المفعولين ، أى متعبّداتنا [وقيل أظهرها لأعيننا حتّى نراها] قال الزّجاج كلّ متعبّد منسك ، والمراد تعريف المواضع الّتي يتعلّق بها النّسك لنفعله عندها ، ونقضي عبادتنا فيها على حدّ ما يقتضيه توقيفنا عليها ، فعلى هذا المراد بها ما يعمّ نحو الطّواف بالبيت والسّعى بين الصّفا والمروة والإفاضة من عرفات ونحوها من مناسك الحجّ.
روي أنّ جبريل أرى إبراهيم المناسك كلّها (١) حتّى بلغ عرفات فقال : يا إبراهيم أعرفت ما أريتك من المناسك؟ قال نعم ، فسمّيت عرفات ، فلمّا كان يوم النحر وأراد أن يزور البيت عرض له إبليس يسدّ عليه الطّريق فأمره جبرئيل عليهالسلام أن يرميه بسبع حصيات ، ففعل فذهب الشيطان ، ثمّ عرض له في اليوم الثاني والثّالث والرابع كلّ ذلك يأمره جبرئيل برمي الحصيات.
والنّسك في الأصل غاية العبادة شاع في الحجّ وأفعاله ، وقيل أراد مذابحنا للنسائك والأوّل أقوى كذا في مجمع البيان (٢) ويؤيّده أنّ الذّبح إنّما سمّي نسكا لدخوله تحت أصل معنى النّسك وهو التعبّد ، فحمل المناسك على جميع أفعال الحجّ أولى ، قال صلىاللهعليهوآله «خذوا عنّي مناسككم» (٣).
__________________
(١) انظر الأحاديث بهذا المضمون مع قليل تفاوت في الألفاظ في الدر المنثور ج ١ من ص ١٣٧ الى ص ١٣٩ ورواه باللفظ الذي حكاه المصنف في تفسير النيشابوري ج ١ ص ١٥٢ ط إيران عن الحسن.
(٢) المجمع ج ١ ص ٢١٠.
(٣) في المنتقى بشرح نيل الأوطار ج ٥ ص ٧٠ : وعن جابر قال : رأيت النبي يرمي الجمرة على راحلته يوم النحر ويقول لتأخذوا عنى مناسككم انى لا أدرى لعلي لا أحج بعد حجتي هذه ، رواه أحمد ومسلم والنسائي انتهى وهو في صحيح مسلم بشرح النووي ج ٩ ص ٤٤ والنسائي ج ٥ ص ٢٧٠ ورواه أبو داود أيضا انظر ج ٢ ص ٢٧٢ الرقم ١٩٧٠.
قال محمد محيي الدين عبد الحميد في تذييله هذا الحديث ليس في رواية اللؤلؤي ولذا لم يذكره المنذرى ، وقال الحافظ المزي هذا الحديث في رواية أبي الحسن بن العبد ـ