العرب (١) ولا أترك فيها إلّا مسلما» والمراد بالإخراج تكليفهم الخروج قهرا أو تخويفهم وتشديد الأمر عليهم حتّى يضطرّوا إلى الخروج.
(وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) أي المحنة والبلاء الّذي ينزل بالإنسان يتعذّب بها ويفتتن لإخراجه من وطنه أشدّ من القتل ، لأنّ الإنسان يتمنّاه عند نزولها لدوام تعبها ، وتألّم النفس بها ، وقيل معناه أنّ شركهم في الحرم وصدّهم إيّاكم عنه أشدّ من قتلكم إيّاهم ، فإنّهم كانوا يستعظمون القتل في الحرم ، ويعيبون به المسلمين ، فقيل الشّرك الّذي هم عليه أعظم منه.
(وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ) أي لا تفاتحوهم بالقتال وهتك حرمة المسجد الحرام ، ومقتضى المفهوم أنّهم إذا ابتدؤا بالقتال هناك جاز المقاتلة معهم ، مكافأة على فعلهم ، حيث لم يأخذوا للحرم حرمة وقد صرّح به قوله (فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ) فلا تبالوا بقتالهم ، لأنّهم هم الّذين هتكوا حرمته ، وقرأ حمزة والكسائيّ «ولا تقتلوهم حتّى يقتلوكم ، فان قتلوكم» والمعنى حتّى يقتلوا بعضكم ، فانّ وقوع القتل في بعضهم بمثابة وقوعه فيهم ، يقال : قتلنا بنو فلان ، وإنّما قتلوا بعضهم والآية منسوخة بقوله (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (٢) لدلالتها على وجوب
__________________
(١) وفي هامش قض : المراد بجزيرة العرب في هذه الاخبار : الحجاز خاصة يعنى به مكة والمدينة واليمامة ومنى وينبع وفدك ومخاليفها ، وسمى حجازا لانه حجز بين نجد وتهامة ، وجزيرة العرب عبارة عما بين عدن الى ربق العراق طولا ومن جدة والسواحل إلى أطراف الشام عرضا قال الخليل : انما قيل لها جزيرة العرب لان بحر الحبشي وبحر فارس والفرات قد أحاط بها ونسبتا الى العرب لأنها أرضها ومسكنها ومعدنها. منه عفى عنه.
(٢) براءة : ٥ ، ولاية الله الخويي مد ظله في ص ٢٠٩ من البيان بيان يعجبنا نقله بعين عبارته قال مد ظله :
والحق أن الآية محكمة ليست بمنسوخة ، فان ناسخ الآية ان كان هو قوله (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) فهذا القول ظاهر البطلان ، لان الآية الأولى خاصة والخاص ـ