وظاهر انتفاء ذلك عن أبى بكر إجماعا ، إذ لا قتيل له في الإسلام ، ولا جهاد بين يدي الرّسول ، ولم يقارب أحد رتبة أمير المؤمنين علىّ عليهالسلام ورأفته بالمؤمنين ، وتواضعه معهم مشهور حتّى أنّه لم ير قطّ طائشا ولا مستطيرا في حال من الأحوال وقد نسب إلى الدّعابة لكثرة تواضعه (١) وقالوا إنه كان فينا كأحدنا في زمن خلافته ويمشي في سوق الكوفة ويقول خلّوا سبيل المؤمن المجاهد في سبيل الله ، ومعلوم حال أبى بكر في الطيش والغضب حتّى اعترف طوعا بأنّ له شيطانا يعتريه عند غضبه.
__________________
(١) وقد شكى نفسه عليهالسلام في الخطبة ٨٢ من نهج البلاغة وقال : عجبا لابن النابغة يزعم لأهل الشام ان في دعابة إلى آخر الخطبة ، وقال ابن أبى الحديد في ص ٣٢٦ ج ٦ من شرحه ط دار احياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه : فاصل ذلك كلمة قالها عمر فتلقفها حتى جعلها أعداؤه عيبا له وطعنا عليه ثم استند في ذلك الى رواية أحمد بن يحيى ثعلب في أماليه إلى آخر ما ذكره ، ثم اعتذر في ص ٣٢٧ عن جانب عمر بأن عمر لما كان شديد الغلظة والجانب خشن الملمس دائم العبوس ، كان يعتقد ان ذلك الفضيلة ، وان خلافه نقص ، ولو كان سهلا طلقا مطبوعا على البشاشة ، وسماحة الخلق لكان يعتقد أن ذلك الفضيلة ، وان خلافه نقص حتى لو قدرنا أن خلقه حاصل لعلى وخلق على حاصل له لقال في على لو لا شراسة فيه.
ثم قال في ص ٣٢٨ : وأنت إذا تأملت حال على عليهالسلام في أيام رسول الله وجدته بعيدا عن ان ينسب إلى الدعابة والمزاح لانه لم ينقل عنه شيء من ذلك أصلا لا في كتب الشيعة ولا في كتب المحدثين وكذلك إذا تأملت حاله في أيام الخليفتين ابى بكر وعمر لم تجد في كتب السيرة حديثا واحدا يمكن ان يتعلق به متعلق في دعابته ومزاحه.
الى ان قال في ص ٣٢٩ : ولقد صدق عليهالسلام في قوله «اننى ليمنعني من اللعب ذكر الموت» الى ان قال : فغير منكر ان يعيب عليا عليهالسلام عمرو بن العاص وأمثاله من أعدائه بما إذا تأمله المتأمل علم انهم باعتمادهم عليه وتعلقهم به قد اجتهدوا في مدحه والثناء عليه لأنهم لو وجدوا عيبا غير ذلك لذكروه انتهى.
وقال الشارح الخويي قدسسره في ص ٨٨ ج ٦ ط الإسلامية بعد نقله كلام ابن ابى ـ