المروي أن الله يقول : (لولاك يا محمد ما خلقت سماء ولا أرضا ، ولا جنة ولا نارا) فكان آدم أول خليفة عنه ثم ولد واتصل النسل ، وعين في كل زمان خلفاء ، إلى أن وصل زمان نشأة الجسم الطاهر محمد صلىاللهعليهوسلم ، فظهر مثل الشمس الباهرة ، فاندرج كل نور في نوره الساطع ، وغاب كل حكم في حكمه ، وانقادت جميع الشرائع إليه ، وظهرت سيادته التي كانت باطنة ، فإن الإنسان آخر موجود من أجناس العالم ، فإنه ما ثم إلا ستة أجناس وكل جنس تحته أنواع وتحت الأنواع أنواع ، فالجنس الأول الملك ، والثاني الجان ، والثالث المعدن ، والرابع النبات ، والخامس الحيوان ، وانتهى الملك واستوى ، وكان الجنس السادس جنس الإنسان وهو الخليفة ، وإنما وجد آخرا ليكون إماما بالفعل حقيقة ، لا بالصلاحية والقوة ، فعند ما وجد عينه لم يوجد إلا واليا سلطانا ملحوظا ، فجعل الحق للرسول صلىاللهعليهوسلم نوابا ، حين تأخرت نشأة جسده ، فكان آدم عليهالسلام أول نائب عنه صلىاللهعليهوسلم ، فقال تعالى : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) يحتمل أن يكون المراد بالخلافة أن يخلف من كان قبله فيها لما فقد ، فإن الله لما نفخ في آدم من روحه ، وأمر الملائكة بالسجود له ، فوقعت ساجدة عن الأمر الإلهي بذلك ، فجعله قبلة للملائكة ، وذلك قوله تعالى : (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ ، فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ، فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) ثم عرفهم بخلافته في الأرض فلم يعرفوا عمن هو خليفة ، فربما ظنوا أنه خليفة في عمارتها عمن سلف ، ويحتمل أن تكون الخلافة أي النيابة عن الحق في أرضه ، وعليه الكلام وكان المقصود بقوله خليفة أي نائب الحق الظاهر بصورته ، لقول الملائكة : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) وهذا لا يقع إلا ممن له حكم ، ولا حكم إلا لمن له مرتبة التقدم وإنفاذ الأمر ، فخلقه على صورته قال صلىاللهعليهوسلم : إن الله خلق آدم على صورته ، ولما كان عالم الخلق والتركيب يقتضي الشر لذاته ، لهذا قال عالم الأمر ـ الذي هو الخير الذي لا شر فيه ـ حين رأى خلق الإنسان وتركيبه من الطبائع المتنافرة ، والتنافر هو عين التنازع ، والنزاع أمر مؤد إلى الفساد قالوا : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ)
____________________________________
لَكَ) قولون ونقدس ذواتنا من أجلك ، فلا يقوم بنا جهل بك ، فيقال لهم : هل تعلمون أسماء هؤلاء؟ فيقولون لا ، فيقال لهم : فلم لم تقدسوا ذواتكم من جهلكم بما ينسب إلينا من هذه