لَكَ) ولا يقدس ولا يسبح إلا بأسمائه ، فأعلمهم بأن لله أسماء في العالم ما سبحته الملائكة ولا قدسته بها وقد علمها آدم ، فلما أحضر ما أحضره من خلقه مما لا علم للملائكة به فقال : (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ) التي يسبحوني بها ويقدسوني (قالُوا لا عِلْمَ لَنا) فقال لآدم : (أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) فلما أنبأهم بأسمائهم ، علموا أن لله أسماء لم يكن لهم بها علم يسبحه بها هؤلاء الذين خلقهم ، وعلمها آدم فسبح الله بها ، كما قال للملائكة لما طافت به البيت : «ما كنتم تقولون»؟ قالت الملائكة : «كنا نقول في طوافنا به قبلك سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر» فقال لهم آدم : «وأنا أزيدكم لا حول ولا قوة إلا بالله» أعطاه الله إياه من كنز من تحت العرش ، لم تكن الملائكة تعلم ذلك ، فلو أراد المفسر بالقصعة والقصيعة الاسم الإلهي المتوجه على الصغير والكبير ، فسبحه الصغير في تصغيره ، بما لا يسبحه به الكبير في تكبيره ، أصاب ، وإنما قصد لفظة القصعة والقصيعة ولا شرف في مثل هذا ، فإنه راجع إلى ما يصطلح عليه ، إذ لها في كل لسان اسم مركب من حروف لا يشبه الاسم الآخر ، فليس المراد إلا ما تقع به الفائدة ، التي يماثل بها قول الملائكة في فخرها على الإنسان أنها مسبحة ومقدسة ، فأراها الله تعالى شرف آدم من حيث دعواها ، وهو ما ذكرناه ليس غيره ، وما ثم في المخلوقات أشرف من الملك ، ومع هذا فقد فضل عليه الإنسان الكامل بعلم الأسماء ـ الوجه الثاني ـ اعلم أن الاسم لما كان يدل على المسمى بحكم المطابقة فلا يفهم منه غير مسماه ، كان عينه في صورة أخرى تسمى اسما ، فالاسم اسم له ولمسماه ، وأراد الله أن يعرف بالمعرفة الحادثة لتكمل مراتب المعرفة ، ويكمل الوجود بوجود المحدث ولا يمكن أن يعرف الشيء إلا نفسه أو مثله ، فلا بد أن يكون الموجود الحادث الذي يوجده الله للعلم به على صورة موجده حتى يكون كالمثل له ، فإن الإنسان الكامل حقيقة واحدة ، ولو كان بالشخص ما كان ، مما زاد على الواحد ، فهو عين واحدة ، فلما نصبه في الوجود مثلا ، تجارت إليه الأسماء الإلهية بحكم المطابقة من حيث ما هي الأسماء ذات صور وحروف لفظية ورقمية ، كما أن الإنسان ذو صورة جسمية. فكانت هذه الأسماء
____________________________________
بدعوى علم عام ، حتى يقال لهم هذا إلا على الوجه الذي ذكرناه ، وأما من جعل قوله (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في قولهم (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) فلا خفاء على ذي بصيرة ما فيه من الخلل ، لوجود الفساد وسفك الدماء الذي وقع من بني آدم ، وإنما يمكن أن يكون جوابهم