(وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٤٩) وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٠) وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ (٥١) ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٥٢)
الشكر هنا : هو الثناء على الله بما يكون منه خاصة ، لصفة هو عليها من حيث ما هو مشكور ، فإن شكر المنعم يجب عقلا وشرعا ، ولا يصح الشكر إلا على النعم.
____________________________________
راجِعُونَ) فتكون واو العطف تشرك في الظن ، وإن كان الضمير يعود عليه من كونه إلها ، فيكون (وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ) الواو بمعنى مع ، أي مع علمهم بأنهم إليه راجعون ، وقد تكون الجملة في موضع الحال ، تقدير الكلام : يظنون أنهم ملاقوا ربهم في حال رجوعهم إليه الذي لا بد منه ، ثم قال (٤٨) (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا) الآية ـ ذكرهم بهذا النسب نعمته عليهم فيه حيث نسبهم بالبنوة إلى صفوته وهو يعقوب ، وحظنا من التعريف أن نذكر نعمته علينا أيضا ، فلهذا عرفنا فقال (اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) ولها وجهان ، الأول اذكروا أي تذكروا ولا تغفلوا ولا تنسوا ذلك ، والوجه الآخر اذكروا ، من الذكر ، أن تحدّثوا بما أنعمت عليكم ، قال تعالى (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) والنعم التي أنعم بها على بني إسرائيل مذكورة في القرآن ، فلا أحتاج إلى ذكرها ، وقوله (وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) فيه إنباه لنا أن نذكر ذلك في قوله (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) وأما قوله لبني إسرائيل أنه فضلهم على العالمين ، أي زادهم أمورا ظهرت عامة ، لم يعط عمومها لسائر الملل ، وإن لخواص هذه الأمة ما أعطى سائر الأمم ، من الكشف وطي الأرض والمشي على الماء وفي الهواء وتظليل الغمام والطير وتسخير الرياح وتفجير المياه ، وقد رأينا كثيرا من هذا على المنقطعين من عباد الله في حال سياحاتي وطلبي الاجتماع بهم ، وكان ذلك في بني إسرائيل يظهر للعام والخاص ، فالفضيلة في هذا ، ثم قال (٤٩) (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي) الآية ، الخطاب عام لجميع العباد ، فالضمير عام ، وقوله (يَوْماً) يريد يوم القيامة ، وفي الحقيقة الأيام كلها بهذه المثابة ، وأنه ما أراد الله إمضاءه في خلقه لا تقتضيه نفس عن نفس شيئا ، وقوله (لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) هو قوله (إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً) بل كل نفس بما