اثنتا عشرة عينا ، يريد علوم المشاهدة عن مجاهدة ، بسبب الضرب ، وعلوم ذوق ، لأن الماء من الأشياء التي تذاق ، ويختلف طعمها في الذوق ، فيعلم بذلك نسبة الحياة كيف
____________________________________
حد الله الذي شرع لهم ، كما ورد في شرعنا في جلد الزاني والزانية (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ) وهذا أيضا من أكبر النعم على بني إسرائيل ، وقال تعالى (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ) أي التوبة والقتل خير لكم عند بارئكم ، فأضافهم إلى البارئ عقيب القتل ، ليتنبهوا على الإعادة ورجوع الحياة إليهم ، ونبههم أيضا بذلك على أنهم شهداء ، فهم أحياء عند ربهم يرزقون (فَتابَ عَلَيْكُمْ) أي رجع عليكم برحمته التي كان الكفر قد سلبها عنكم (إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ) الرجّاع (الرَّحِيمُ) بالرحمة إليكم ، وقد تقدم تفسير التواب في قصة آدم ، ثم أردف أيضا هذه النعم بنعمة أخرى فقال تعالى وجل (٥٦) (وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ) الآية ، إلى قوله (تَشْكُرُونَ) قص الله علينا هذه الأمور ليري الله تعالى نبيه محمدا صلىاللهعليهوسلم ما قاسى موسى من أمته فيعزي نفسه بذلك ، قال تعالى (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ) وقال (وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى) لنا لنشكر الله على ما أولانا من نعمه حيث آمنا واستسلمنا ، ولم نكلف نبينا أن يسأل ربه شيئا ، مثل ما كلفت الأمم رسلها ، فنشكره سبحانه على هذه النعمة ، إذ لو شاء لألقى في قلوبنا ما ألقاه في قلوب الأمم قبلنا ، ولهذا نشرك أنفسنا معهم في الضمير المذكور في قوله (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) فقال تعالى إخبارا عن بني إسرائيل ، والعامل في إذ كما في أمثاله (وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ) أي لن نصدق بك (حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) فالعامل في جهرة يحتمل أن يكون قلتم ، ويحتمل أن يكون العامل نرى ، وهذا من أعظم ما اجترؤوا به على الله تعالى ، وأعظم ما كلفوه لموسى ، فعاقبهم الله بأن أرسل عليهم صاعقة ، أمرا من السماء هائلا أصعقهم لم ينقل إلينا من طريق صحيحة ما كان ذلك الأمر (فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ) أي فأخذتهم الصاعقة جهرة ، وهو قوله (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) قال (٥٧) (ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ) أي من بعد ما صعقتم ، فقد يكون موت غشي ، وقد يكون موتا حقيقة ، والأقرب أن يكون موت غشي وصعق ، لأن الله يقول (لا يَذُوقُونَ فِيهَا) يعني في الجنة (إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) فأفردها ، وليس بنص ، ولكن يتقوى به وجه التأويل على هذا المعنى ، وسنومئ في إحياء من مات في ضرب الميت بالبقرة فحيي ، ما كانت تلك الحياة ، وفي كل حي يحيى في الدنيا بعد موته قبل حياة البعث ، فإنه سر لطيف لا يدرك إلا من جهة الكشف ، ثم قال (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) خطابا لنا ولهم ، فهذا تعريف يتضمن تكليفا بالشكر ، ومن النعم قوله (٥٨) (وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ) الآية ، لما دعا موسى على قومه بالتيه حين قالوا ما ذكر في سورة المائدة ، قال أصحابه المؤمنون به : ما يقينا من حر الشمس في