(وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٨٠) بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٨١)
فهم الذين تمسهم النار فإنه ما كل من دخل النار تمسه ، فإن ملائكة العذاب في النار وهي دارهم وما تمسهم النار.
____________________________________
(وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) فذمهم لأنهم متمكنون أن يتعلموا الكتاب حتى يكونوا مثل الذين يعلمون الكتاب فلا يقلدونهم ، و (إِلَّا أَمانِيَّ) استثناء منقطع ، وقد يكون عندي استثناء متصل ، وإن كانوا لا يعلمون إلا أنهم قادرون على الاختلاق ، ثم قال (٨٠) (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ) أخبر أن لهم الويل يوم القيامة والنشور بما كتبت أيديهم من تغيير نعت محمد صلىاللهعليهوسلم وأمته من التوراة ، وقولهم لمن لم يعرف منهم أن هذا الذي نزل من عند الله ، وهو قوله (ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ ، لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً) من متاع الدنيا ، أو يكون الثمن رياستهم وافتقار الناس إليهم فيما يشرعون لهم (فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ) من أجل ذلك (وَوَيْلٌ لَهُمْ) زائد على ذلك (مِمَّا يَكْسِبُونَ) أي مما حصل لهم من ذلك من المال والرياسة (٨١) (وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) يقولون وإن دخلنا النار على زعمكم ، فإن الله عادل لا يعذبنا في النار إلا أيام كفرنا وبعد ذلك نخرج ، وصدقوا فيما قالوه من الأيام المعدودة ، وكذبوا في انقضاء ذلك ، وذلك أن الله لا يعذبهم إلا على قدر كفرهم بالنوع الذي وعد على كل سيئة من العذاب الخاص بتلك السيئة ، فإذا انتهى الزمان الذي كان قدر ما كفروا فيه رجع عوده على بدئه ، فلا يزال يدور عليهم عودا على بدء إلى غير نهاية ، كما تدور أيام الجمعة وكما تدور فصول السنة وإن كانت محصورة فدورانها ليس بمحصور ، إلا أن يشاء الله ذلك كما شاء بانقضاء الدنيا ، ولأنه ما مر عليهم يوم من أيام الجمعة إلا والكفر والنفاق يستصحبهم فيه ، فتتعاقب الأيام السبعة عليهم دائما بما عملوه ، ألا ترى في الخبر الوارد أن أبا لهب عم النبي عليهالسلام يخفف عنه العذاب ليلة الاثنين لوليدة أعتقها فرحا بمولد النبي عليهالسلام ، فجوزي بذلك في اليوم الذي أوقع فيه هذا الخير ، فإن أنكر منكر وجود الأيام في الدار الآخرة فالله يقول (لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا) إلى غير ذلك من الأخبار ، ثم نرجع ونقول والسبب الموجب لذلك هو ما نذكره ، وذلك أن الجنة والنار تتضمن