(وَلَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ (٩٢) وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ، خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا ، قالُوا سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ ، قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ إِنْ
____________________________________
من قوله (عَلى مَنْ يَشاءُ) أن اليهود حسدت العرب حيث كان محمد الذي يجدونه مكتوبا عندهم من العرب ولم يكن من بني إسرائيل ، فأداهم ذلك إلى الكفر بالقرآن ، ثم قال (وَلِلْكافِرِينَ) الجنس أيضا (عَذابٌ مُهِينٌ) في مقابلة إهانتهم للقرآن ومن جاء به ، من قوله (لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ) وغير ذلك ، فهو خصوص عذاب لصفة مخصوصة في كل من ظهرت منه وعوقب بها ، ثم قال (٩٢) (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ) الضمير يعود على اليهود ، وما هنا فيما أنزل الله يريد القرآن والإنجيل (قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ) يؤيد ذلك قوله (وَهُوَ الْحَقُّ) الضمير يعود على المنزل ، (مُصَدِّقاً) أي جاء مصدقا لما معهم ، يريد التوراة التي أنزلت عليهم ، فقالت اليهود : نؤمن بما أنزل علينا ، يعني التوراة ، ونكفر بما وراءه ، تقول : وراء كتابنا ، أي بما جاء بعده من الكتب ، فقال الله لمحمد (قُلْ) لهم (فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ) وكتابكم لا يتضمن قتل من قتلتموه من الأنبياء ، فقولكم (نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا) ليس بصحيح ، ولهذا قال لهم (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في إيمانكم بما أنزل عليكم ، فقرينة الحال تدل على أنهم قتلوا الأنبياء تكذيبا لهم مع إتيانهم بالبينات والقربان ، لأنهم لو لم يقتلوهم تكذيبا ما كان قول محمد صلىاللهعليهوسلم لهم (فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ) حجة عليهم ، لأن المؤمن لا يلزم أن يكون معصوما من وقوع الذنب منه ، والقتل فعل ظاهر ، وقد يكون من المصدّق والمكذب ، وقد يكون قوله (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) أي مصدقين في أن الله عهد إليكم في كتابكم (ألا تؤمنوا لرسول حتى يأتيكم بقربان تأكله النار) فقد جاؤا ، فلم قتلتموهم؟ (٩٣) (وَلَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ) حين مشى إلى ميقات ربه (وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ) أنفسكم في ذلك ، وظالمون بعضكم لبعض حيث لم تتناهوا عن منكر فعلتموه ، ثم قال (٩٤) (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ، خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا ، قالُوا سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ ، قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) لما ذكر أخذ الميثاق ورفع الطور ظلة عليهم لما امتنعوا من أخذ الكتاب ، ذكر في القصة الأولى بعض الأسباب وهو ترجي التقوى ، فقال (لَعَلَّكُمْ