(بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ (٩٠) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٩١)
اليهود لم يؤمنوا بكل ما أتى به موسى ، ولو آمنوا بكل ما أتى به موسى لآمنوا بمحمد صلىاللهعليهوسلم وبكتابه (قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) اعلم أن الله مع الأنبياء بتأييد الدعوى ، لا بالحفظ والعصمة إلا إن أخبر بذلك في حق نبي معين ، فإن الله قد عرفنا أن الأنبياء قتلتهم أممهم وما عصموا ولا حفظوا.
____________________________________
فكفروا جواب «لما جاءهم ما عرفوا» وجواب لمّا في (لَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ) محذوف ، تقديره كذّبوا به ، أي بالكتاب ، فجمعوا بين كفرين ، وخص الاستفتاح دون الافتتاح لأنه بالسين أبلغ (فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ) الألف واللام للجنس ، وهو أولى من العهد ، ثم قال (٩١) (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ) لما جاء الشرع ببيع النفوس في قوله (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ) وسبب ذلك هذه الإضافة ، وهي دعوى الملك فيها ، والعالم بالله لا نفس له بل كله ملك لله ، فإذا أضافها العالم بالله إليه في مثل قوله (تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي) وقوله (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) فبتمليك الله لا تمليك استحقاق ، فوقع البيع على هذا القدر الذي لحق المؤمن غير العالم من الملك ، فصح بيع النفس لكل ذي نفس من المؤمنين من الله تعالى ، فالمؤمن لا نفس له ، وأما غير المؤمن وغير العالم بالله فنفسه باقية في ملكه في دعواه ، فلهذا صح لهؤلاء وثبت أن يبيعوا أنفسهم بعرض من الدنيا ب (أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ) من الكتب (بَغْياً) أي حسدا (أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) من أجل أن أنزله الله على موسى وعيسى ومحمد عليهمالسلام تفضلا منه دونهم ، فنازعوا الله تعالى وكفروا ، وكذبوا بما جاءت به الأنبياء (فَباؤُ بِغَضَبٍ) من الكفر والتكذيب (عَلى غَضَبٍ) من المنازعة ، فهذا دليل على أنهم صدقوا بالإنزال أنه من عند الله ، وقد يستروح