الآية ، وقد شهد الله للملائكة بأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، فقد كذب هؤلاء المفسرون ربهم في قوله في حق الملائكة ، قال تعالى : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) من علم السحر الذي مزجوه بما أنزل على الملكين هاروت وماروت من علم الحق (وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا) له (إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ) فإن مقلوب الحمد كفر وهو الذم (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما) أي من العلمين (ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) وهو القدر من السحر الذي يعطي التفرقة ، والله قد كره ذلك وقد ذمه ، وندب إلى الألفة
____________________________________
وجبريل صاحب العذاب والشدائد ، وميكائيل صاحب الخصب والخير فيما يزعمون ، فكل واحد منهما عدو للآخر ، فأخبر تعالى أنهم إن صدقوا ، فإنهم عدو للاثنين معا ، ومن كان عدوا لهما فهو عدو لله وملائكته ، فيكون الله عدوا له وللكافرين ، وتنزيل صورة العداوة منهم لجبريل وميكائيل ، أنهم يريدون بالمؤمنين إنزال العذاب عليهم بالجوع ونقص من الثمرات ، فيرون الخصب فيهم والخير لهم ، وذلك بيد ميكائيل فيكونون عدوا له لأنه أنعم على أعدائهم ، ويرون ما نزل بهم من رفع الطور والصاعقة وغير ذلك وهو من جبريل ، فهم أيضا عدو له ، فلذلك قال تعالى «من كان عدوا لله وملائكته وجبريل وميكال» فخصهما بالذكر مع دخولهم في عموم ملائكته (فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ) الفاء جواب من ، ثم قال (١٠٠) (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ) يعني في القرآن ، تظهر صدقك في أنك نبي (وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ) الخارجون عن أمر الله من أهل الكتب ، حيث أمرهم الله في كتبهم أن يؤمنوا بك وبما أنزل إليك فعصوه ، وخرجوا عن أمره ، وهو الفسوق ، والفسوق الآخر في حق الذين خرجوا عما تعطيهم دلالات المعجزات من التصديق بمن جاء بها فلم يؤمنوا ، والفسوق الثالث من المقلدين حيث مكّنهم الله من النظر والبحث بما أعطاهم من العقل والفكر فلم يفعلوا وقلدوا ، فهؤلاء أيضا فسقوا أي خرجوا عما تقتضيه عقولهم من أن يكونوا علماء بما هم فيه مقلدون ، فعمّ الفسوق جميع الفرق ، وهذا من جوامع الكلم ، ثم قال (١٠١) (أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ) هو قوله (ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ) فأخبر تعالى أنه أخذ عليهم مواثيق مرارا ونكثوا عهد الله مرارا ، فقد يكون المعنى (وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ) أي إلا الذين فسقوا ونقضوا عهد الله ، وأو بمعنى الواو العاطفة المعنى ، وكلما عاهدوا عهدا مع الله ورسوله نبذه أي رمى به فريق منهم (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) يريد المقلدين لعلمائهم ، فإن العلماء قليلون والمقلدين كثيرون ، فالمقلد ليس بموقن حقا ، وعالمهم ليس كذلك فإنه يعرف الحق ولا يقول به ويكتمه عن المقلد له ، فيتضاعف العذاب على العالم ، فإن عليهم إثم البرسيين وهم الأتباع ، ثم قال (١٠٢) (وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ) يريد