(وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١١٣) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) (١١٤)
الدنيا هي الدار القريبة إلينا ، نشأنا فيها وما رأينا سواها ، فهي المشهودة وهي الحفيظة علينا والرحيمة بنا ، فيها عملنا الأعمال المقربة إلى الله ، وفيها ظهرت شرائع الله ، وهي الدار الجامعة لجميع الأسماء الإلهية فظهرت فيها آلاء الجنان وآلام النار ، ففيها العافية والمرض ،
____________________________________
الوجه الواحد ، مباهتة بعضهم لبعض مع معرفة كل فريق منهم أن الفريق الآخر على حق ، إذ كان كل فريق أهل كتاب ، وأن في التوراة نبوة عيسى ، وفي الإنجيل نبوة موسى ، والوجه الثاني ، أن يقول كل فريق ليس الآخر على شيء من دينه ، أي أنه لا يعمل بدينه ولا بما أنزل عليه ، فإن النصارى لو آمنت بالإنجيل لصدقتنا ، فإن الإنجيل يصدقنا ، وتقول النصارى لو آمنت اليهود بالتوراة لعرفت أنا على الحق ، فإن التوراة تصدقنا ، والوجه الثالث ، أن يكونوا صادقين فيما قالوه ، فإنه ببعث محمد صلىاللهعليهوسلم ارتفعت كل شريعة قبله ، فقالت اليهود وصدقت ليست النصارى على شيء فإن بعث محمد صلىاللهعليهوسلم والقرآن نسخ شرعهم ، فإن الإنجيل يدلهم على ذلك ، (وَقالَتِ النَّصارى) وصدقت (لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ) لأن بعث محمد صلىاللهعليهوسلم والقرآن نسخ دينهم وهو في التوراة عندهم ، وهو أصدق الوجوه فيما يرجع إلى علمهم بما في كتابهم ، فهو اعتقادهم وإن لم يتلفظوا به ، ولهذا قال الله تعالى : (وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ) يعني التوراة والإنجيل ، فيعلمون الحق بيد من هو ، وهو بيد محمد عليهالسلام ، فوبخهم الله تعالى أشد التوبيخ حيث شبههم بمشركي العرب الذين ليسوا أهل كتاب وأنكروا نبوة محمد عليهالسلام ، ثم قال : (كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) وهم المقلدة (مِثْلَ قَوْلِهِمْ) يعني قول علمائهم ، ثم قال : (فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) الضمير يعود على المتنازعين من جهة المعنى المقصود كانوا من كانوا ، ولهذا لم يثن على إرادة الطائفتين قال تعالى : (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) ، وهو قوله : (يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (١١٥) (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ) الآية ، وإن نزلت