الرحيم» «فبسم الله» أي بي قام كل شيء وظهر «الرحمن» من أعربه بدلا من الله ، جعله ذاتا ، ومن أعربه نعتا ، جعله صفة ، وفيها بسط الرحمة على العالم «الرحيم» وبه تمت البسملة ، وبتمامها تم العالم خلقا وإبداعا.
أما سورة التوبة ، فهي والأنفال سورة واحدة ، قسمها الحق على فصلين ، فإن فصلها القارئ وحكم بالفصل ، فقد سماها سورة التوبة ، أو سورة الرجعة الإلهية بالرحمة على من غضب عليه من العباد ، فما هو غضب أبد ، لكنه غضب أمد ، والله هو التواب ، فما قرن بالتواب إلا الرحيم ، ليؤول المغضوب عليه إلى الرحمة ، أو الحكيم ، لضرب المدة في الغضب ، وحكمها فيه إلى أجل ، فيرجع عليه بعد انقضاء المدة بالرحمة ، فانظر إلى الاسم الذي نعت به «التواب» تجد حكمه كما ذكرنا ، والقرآن جامع لذكر من رضي عنه وغضب عليه ، وتتويج منازله ب (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) والحكم للتتويج ، فإنه به يقع القبول ، وبه يعلم أنه من عند الله.
____________________________________
آية من كل سورة ، وبه نقول ، وأما قراءة الفاتحة في الصلوة قال تعالى (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى) فروي عن عمر أن الصلوة تجوز بغير قراءة ، وروي عن ابن عباس أنه لا يقرأ في صلاة السر ، وأوجب الشافعي قراءة فاتحة الكتاب في كل ركعة من الصلوة ، وهي أشهر الروايات عن مالك ، وروي عنه أنه إن قرأها في ركعتين من الرباعية أجزأه ، وقال الحسن البصري وكثير من فقهاء البصرة : تجوز في قراءة واحدة ، قال أبو حنيفة : يجب قراءة أي آية اتفقت في الركعتين الأوليين ، ويستحب فيما بقي من الصلاة التسبيح دون القراءة ، وبه قال الكوفيون ، وجمهور العلماء يستحبون القراءة في الصلاة كلها (بِسْمِ اللهِ) العامل في الباء من بسم الله ما في الحمد لله من معنى الفعل ، أي يضمر له فعل من لفظه ، مثل حمدته أو أحمده ، وبه تتعلق الباء من بسم الله ، وهكذا في كل سورة في القرآن أولها الحمد ، وفي بعض سور القرآن تكون في أولها أفعال تطلب الباء من بسم الله. أذكرها في موضعها أن شاء الله «الله» إسم للذات وإن كان يجري مجرى العلمية له سبحانه ، فإن المفهوم منه مع هذا بأول الإطلاق من له نعوت الألوهية من الكمال والتنزيه والجلال ، وفي طريق الاشتقاق فيه تكلف وتعسف ، وهو اسم مختلف في اشتقاقه فأضربنا عن الخوض في ذلك لقلة فائدته ، غير أن الغالب عليه أن يجري مجرى الأسماء الأعلام ، وهو اسم محفوظ من أن يسمى به غيره سبحانه على هذه الصورة الخاصة (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) من وقف عند قوله سبحانه (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ