الله تعالى ويشكره باللسان والعمل أن يكون مصليا ، وذاكرا بكل ذكر نزل في القرآن لا في غيره ، وينوي بذلك الذكر والدعاء الذي في القرآن ليخرج من العهدة ، فإنه من ذكره بكلامه فقد خرج عن العهدة فيما ينسب في ذلك الذكر إلى الله ، وليكون في حال ذكره تاليا لكلامه ، فيقول في التسبيحات ما في القرآن ، ومن التحميدات ما في القرآن ، ومن الأدعية ما في القرآن ، فتقع المطابقة بين ذكر العبد بالقرآن لأنه كلام الله ، وبين ذكر الله إياه في قوله : (أَذْكُرْكُمْ) فيذكر الله الذاكر له وذكره كلامه فتكون المناسبة بين الذكرين ، فإذا ذكره بذكر يخترعه لم تكن تلك المناسبة بين كلام الله في ذكره للعبد وبين ذكر العبد ، فإن العبد هنا ما ذكره بما جاء في القرآن ولا نواه ، وإن صادفه باللفظ ولكن هو غير مقصود (وَاشْكُرُوا لِي) يقال شكرته وشكرت له ، فشكرته نص في أنه المشكور عينه ، وقوله شكرت له فيه وجهان ، الوجه الواحد يكون مثل شكرته ، والوجه الثاني يكون أن يكون الشكر من أجله ، فإذا كان الشكر من أجله يقول له سبحانه : اشكر من أولاك نعمة من عبادي من أجلي ، ليكون شكره للسبب عين شكره لله ، فإنه شكره عن أمره وجعل المنعم هنا نائبا عن ربه ، فلهذا قال سبحانه : (وَاشْكُرُوا لِي) ولم يقل واشكروني ليعم الحالتين ، فإنكم لا تذكرونه حتى يوفقكم ويلهمكم ولذلك قال : (وَلا تَكْفُرُونِ).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (١٥٣)
لما أمر الله عباده المؤمنين بالذكر والشكر أمرهم أن يستعينوا على ذلك بالصبر والصلاة ،
____________________________________
فَحَدِّثْ) ومن حدث بها فما سترها ، وقال عليهالسلام : [التحدث بالنعم شكر] ، وكفران النعم على وجهين ، كفر بمعنى الجحد والستر لها لجهله بالمنعم الحق سبحانه ، وهم الذين يعتقدون أن الله لا يعلم الجزئيات ، والوجه الآخر من كفرها وقوف العبد مع الأسباب التي حصلت النعم عليه عندها لغفلته ، وهذه حالة أكثر المؤمنين ، وكأنه يقول في هذه الآية : (وَلا تَكْفُرُونِ) كما كفر أهل الكتاب بما أنعمت عليهم فيما قد أخبرتكم في قولي : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا) (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا) في غير ما موضع من كتابي وأبنت لكم عن كفرهم بنعمي ، فلا تكفرون أنتم كما كفروا ، ثم أيّه سبحانه بالمؤمنين من عباده فقال : (١٥٤) (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ