(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) (١٧٨)
... (فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ) من ولي الدم (وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) من القاتل إلى ولي الدم ... (فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ) أي إن قتله بعد ذلك غدرا وقد رضي بالدية وبما عفا عنه منها (فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) فهذه وصية لولي الدم أن يعفو ويخلي بين القاتل والمقتول يوم القيامة ، وأخبر صلىاللهعليهوسلم أن حكم القاتل قودا حكم القاتل اعتداء ، وهو قوله : (جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) ، فقال في صاحب التسعة : [أما إن قتله كان مثله] فتركه ولم يقتله.
____________________________________
ومنكري الرسل (وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ) يقول : وأعطى المال حبا لله ، وقد يعود الضمير على المال ، أي يعطيه على حبه فيه ، أي على أنه يحبه ، قال تعالى : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) فكان ابن عمر يشتري السكر ويتصدق به ، ويقول : إني أحبه ، ويتلو هذه الآية ، وهو الأوجه في التأويل ، ويعني بهذا الإعطاء صدقة التطوع والتضييف والهدية والهبة ، وقوله : (ذَوِي الْقُرْبى) يريد صلة الرحم (وَالْيَتامى) من لا مال له منهم (وَالْمَساكِينَ) الذين يسكنون إلى الناس ليعطوهم وإن لم يسألوا بلسانهم (وَابْنَ السَّبِيلِ) ضيافة المسافر (وَالسَّائِلِينَ) الملتمسين العطاء من المحتاجين وغيرهم (وَفِي الرِّقابِ) معونة المكاتبين في كتابتهم (وَأَقامَ الصَّلاةَ) بحدودها ولوازمها (وَآتَى الزَّكاةَ) المفروضة (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا) مع الله ومع غير الله على الوجه المشروع الذي أباح لهم الشرع أن يعاهدوا عليه ، ومنه الوفاء بالنذر (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ) في حال الشدائد (وَالضَّرَّاءِ) فيما يتضررون به مما فيه قربة إلى الله (وَحِينَ الْبَأْسِ) المجاهدين في سبيل الله (أُولئِكَ) إشارة إلى القائمين بهذه العبادات (الَّذِينَ صَدَقُوا) أي أخذوها بقوة وصلابة في الدين ، لأن الصدق الصلابة في الدين ، يقال رمح صدق أي صلب ، يقول صدقوا مع الله في ذلك (وَأُولئِكَ هُمُ) الذين سميناهم بأنهم (الْمُتَّقُونَ) من عبادي الذين كتبت لهم رحمتي ، وقد تقدم المتقي من هو ، وأن ما ذكره في هذه الآية صفة المتقي (١٧٩) (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى) يقول : فرض