(فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٨١) فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٨٢)
الجنف حيف في الكم والكيف.
____________________________________
فيتعينون وقد قال : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) فما المانع أن يجمع الله لهم بين الوصية والميراث ، إذ كان حقهم أعظم الحقوق وأوجبها ، والقرآن نص مقطوع به ، وقد اتفقوا على أنه لا تجوز الوصية لوارث ، فإذا وقعت فأجمعوا على أنه لا تجوز إذا لم تجزها الورثة ، واختلفوا إذا أجازتها الورثة ، فقال الأكثرون تجوز ، وقال أهل الظاهر لا تجوز وإن أجازتها الورثة ، وحكي ذلك عن المزني ، والذي يقتضيه النظر أنّ تنفيذها من كونها وصية لا تجوز ، وقد رفع الشارع حكمها أن تكون وصية ، إذا فليست بوصية شرعا ، وإذا لم تكن وصية وقد تعين القدر الذي ذكره الميت ، فيقسم على القرابة بأسرهم ما لم يعين قرابة مخصوصين ، فإن عيّن فالأولى بالورثة إذا سمحوا بإعطاء هذا المال صدقة منهم عن الميت أن يوصلوه لمن عيّنه على حكم ما عيّنه ، وهي عندنا عبادة غير معللة ، وقوله : (بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) يؤيد أنها غير منسوخة وأنها غير مخالفة لآية المواريث ، فيكون المعنى : كتب عليكم ما أوصى به الله من توريث الوالدين والأقربين في قوله تعالى : (يوصيكم في أولادكم) الآيات كلها ، فاعملوا فيها بالمعروف وأعطوا كل ذي حق حقه كما أوصى الله (بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا) واجبا على القاسم لها أن يتقي الله فيها ، على أنه قد روي عن بعض أهل العلم أنه يجمع للوالدين بين الوصية والميراث ، ومن قال بالتأويل الأول حمل المعروف أن لا يتجاوز الموصي الثلث ، ويعمل بالعدل في ذلك (١٨٢) (فَمَنْ بَدَّلَهُ) أي غيّر ما وقعت به الوصية (بَعْدَ ما سَمِعَهُ) من الموصي (فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ) فإن إثم التبديل على من بدله (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ) ما أوصى به الميت (عَلِيمٌ) به ، وفيه وعيد للمبدّل (١٨٣) (فَمَنْ خافَ) أي توقع (مِنْ مُوصٍ جَنَفاً) ميلا عن الحق وهو لا يدري (أَوْ إِثْماً) متعمدا لذلك ، فتنازع الموصى لهم في ذلك (فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) وإن أخطأ في القسمة أو في رد ذلك إلى الوجه المشروع في اجتهاده (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) في حق المصلح ، والميت الذي ما تعمد الخطأ (رَحِيمٌ)