(كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) (١٨٠)
الأقربون هم الذين لا حظ لهم في الميراث ، والوصية في الثلث مما له التصرف فيه من ماله ، فلا يتجاوز ثلث ماله.
____________________________________
الدية ، فيطلبونها بالمعروف ، أي بالعدل كما ذكرناه (ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ) من الذي كان مكتوبا في ذلك على أهل الكتابين ، فكتب على اليهود القتل وليس لهم أن يعفوا ولا أن يأخذوا الدية ، وعلى أهل الإنجيل العفو ليس لهم قتل ولا أخذ دية ، فوسع الله علينا وعليهم فخفف بأن خيرنا في إحدى ثلاث قودا وعفوا ودية ، فالرحمة بأولياء المقتول إن أخذوا الدية انتفعوا بها ، وإن قتلوا شفوا صدورهم ، وكان ذلك كفارة للقاتل ورحمة في حق القاتل ، إن قتل فكفارة ، وإن عفي عنه أو أخذوا الدية فقد أبقيت عليه حياته ليتوب ويرجع (فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي من اعتدى على القاتل فقتله بعد أخذ الدية أو العفو ، أو اعتدى في القود إذا تولى قتله أن يمثل به ، يقول بعد فرض الحكم الذي شرعه الله على حد ما شرعه في القصاص أن يقتل بمثل ما قتل به ، وهو قول جماعة ، أو يقتل بالسيف وهو قول جماعة أخرى ، ولكل فريق حجة ليس هذا موضعها (١٨٠) (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) يقول : لا يقتل بالمقتول سوى قاتله ، لأن العرب كانت تقتل الجماعة بالواحد ، وقد يريد بالقصاص أخذ الدية فتبقى حياة القاتل عليه ، وقد يكون القصاص ردعا وزجرا فيقل القتل خوفا من القصاص ، وقد يكون جميع هذه الوجوه مقصودة بالقصاص ، وفي هذه الآية شرف للعقول وأنه ما خاطب بالحكم إلا العقلاء ، وقوله : (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) تقدّم تفسيره في أول السورة (١٨١) (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) يقول : فرض عليكم إذا حضر أحدكم الموت ، يعني إذا جاء أجله ، إن ترك خيرا أي مالا فله أن يوصي لوالديه بماله الذي يملكه ، والذي يملكه من حضره الموت من ماله ، إنما هو الثلث لا غير ، فللإنسان أن يهب ماله كله الذي ملكه الشرع صحيحا أو مريضا ، لأن التمليك للشارع ، وتلك الوصية حقا لله عليه في ماله إن اتقى الله ، وذهب بعضهم إلى أنه يعصي من لا يفعل ذلك ، والأقربون هنا من لا يرث كالخالة والخال ، وقد جاء النص في بر الخالة والوصية عليها ، وقد جاء عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم [لا وصية لوارث] فأما الأقربون فيسوغ فيهم ما ذهبوا إليه ، وأما الوالدان