(فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ) ـ شعر.
الحج فرض إلهي على الناس |
|
من عهد والدنا المنعوت بالناس |
فرض علينا ولكن لا نقوم به |
|
وواجب الفرض أن نلقى على الراس |
فإن الله أخبرنا أن الكعبة أول بيت وضعه للناس معبدا ، والحج في اللسان تكرار القصد إلى المقصود ، والعمرة الزيارة (فَلا رَفَثَ) وهو النكاح ، وقد أجمع المسلمون على أن الوطء يحرم على المحرم مطلقا ، غير أنه إذا وقع فعندنا فيه نظر في زمان وقوعه ، فإن وقع منه بعد الوقوف بعرفة أي بعد انقضاء زمان جواز الوقوف بعرفة من ليل أو نهار فالحج فاسد وليس بباطل ، لأنه مأمور بإتمام المناسك مع الفساد ، ويحج بعد ذلك ، وإن جامع قبل الوقوف بعرفة وبعد الإحرام فالحكم فيه عند العلماء كحكمه بعد الوقوف يفسد ولا بد ، من غير خلاف أعرفه ، ولا أعرف لهم دليلا على ذلك ، ونحن وإن قلنا بقولهم واتبعناهم في ذلك ، فإن النظر يقتضي إن وقع قبل الوقوف أن يرفض ما مضى ويجدد الإحرام ويهدي ، وإن كان بعد الوقوف فلا ، لأنه لم يبق زمان للوقوف ، وهنا بقي زمان للإحرام ، لكن ما قال
____________________________________
وعشر من ذي الحجة ، وقيل تسع من ذي الحجة ، والقولان سائغان في كلام العرب ، لكن الحقيقة فيه أن يكون الشهر كله ، وإنما يعرف ما عدا ذلك بقرينة لا بمجرد الإطلاق ، وهنا في هذه الآية ما ثم قرينة تدل أنه يريد بعض الشهر ، فلو أحرم الإنسان بالحج بعد فراغه من مناسك الحج جاز له ذلك ، فإنه أحرم في أشهر الحج ، فإنه لا خلاف عند العرب أنها تسمي ذا الحجة شهر الحج ، وهو أحق بهذا الاسم من شوال وذي القعدة ، إذ ليس لك فيهما أن تفعل من أفعال الحج سوى الإحرام بالحج والسعي إن جئت البيت ، وجميع المناسك تقع في ذي الحجة ، فهو أولى بالاسم ، ثم قال : (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ) أي فمن أحرم فيهن بالحج (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ) فجعل حكم المحرم بالحج حكم المصلي ، ولهذا تسمى التكبيرة الأولى التي يدخل بها في الصلاة تكبيرة الإحرام ، وقال تعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) فقال في الحج : (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ) فيفترقان من وجه ويجتمعان من وجه ، فقوله : (فَلا رَفَثَ) قد يريد لا نكاح في الحج وهو الأظهر ، وهل يتلفظ باسمه على التصريح؟ فيه خلاف ، والذين أجازوا التصريح به كابن عباس أجازه عند الرجال أو وحده ، ولم يجزه عند النساء ، وكان ابن عباس ينشد وهو محرم :
خرجن يمشين بنا هميسا |
|
إن تصدق الطير ننك لميسا |