به أحد ، فجرينا على ما أجمع عليه العلماء ، مع أني لا أقدر على صرف هذا الحكم عن خاطري ، ولا أعمل عليه ، ولا أفتي به ، ولا أجد دليلا ، خرج أبو داود في المراسيل أن رجلا من جذام جامع امرأته وهما محرمان ، فسأل الرجل رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال لهما : اقضيا نسككما وأهديا هديا ، ثم ارجعا ، حتى إذا كنتما بالمكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما ، فتفرقا ولا يرى منكما واحد صاحبه ، وعليكما حجة أخرى ، فتقبلان حتى إذا كنتما بالمكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما فتفرقا ولا يرى منكما أحد صاحبه ، فأحرما وأتما نسككما وأهديا ، وعلى ذلك فمن جامع أهله عليه أن يمضي في مقام نسكه إلى أن يفرغ مع فساده ، ولا يعتد به ، وعليه القضاء من قابل على صورة مخصوصة شرّعها له الشارع (وَلا فُسُوقَ) الفسوق الخروج وهو هنا الخروج على سيده ـ ومن باب الإشارة ـ الخروج على سيده ، فيدعي في نعته ويزاحمه في صفاته (وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ ، وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ ، وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى) التقوى هنا ما يتخذه الحاج من الزاد ليقي به وجهه من السؤال ويتفرغ لعبادة ربه ، وليس هذا هو التقوى المعروف ، ولهذا ألحقه بقوله عقيب ذلك : (وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ) فأوصاه أيضا مع تقوى الزاد بالتقوى فيه ، وهو أن لا يكون إلا من وجه طيب ، فجاء الأمر بالزاد ، فعلمنا أنّا قوم سفر نقطع المناهل بالأنفاس ، والتقوى في الزاد ما يقي به الرجل وجهه عن سؤال غير الله ، وما زاد على وقايتك فما هو لك ، وما ليس لك لا تحمل ثقله فتتعب به ، وأقل التعب فيه حسابك على مالا تحتاج إليه ، فلماذا تحاسب عليه ، هذا لا يفعله عاقل ناصح لنفسه ، وما ثمّ عاقل ، لأنه ما ثمّ إلا من يمسك الفضل ويمنع البذل ، والمسافر وماله على قلة ، فإنه ما من منهلة يقطعها ولا مسافة إلا وقطاع الطريق على مدرجته ، فخير الزاد ما يتقي به ، وأما تقوى الله ففي أمره (وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ).
____________________________________
فقيل له : أترفث في الحج؟ فقال : إنما ذلك عند النساء ، مثل أن يقول الرجل للمرأة وهو محرم : إذا حللت من إحرامي نكتك ، وأما قوله : (وَلا فُسُوقَ) أي لا يتعدى المحرم شيئا من حدود الله مما يخرج به عن أمر الله ، ولا سيما على من نصبه ، وقد يحتمل أن يريد بالفسوق أي لا يفعل فعلا حرّم عليه ، يفسد بفعله حجه. مما كان يجوز له فعله قبل الإحرام بالحج ، فهو فسوق في حال الحج ، وقوله : (وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ) بلا خلاف أنه منصوب على النفي والتبرئة ، فهو