بعضهم (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي) إشارة إلى قوله صلىاللهعليهوسلم : (خلق الله آدم على صورته) وقوله صلىاللهعليهوسلم عن أولياء الله : (إذا رؤوا ذكر الله).
(سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٢١١)
(وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ) وهي ما بشّرنا به من عموم مغفرته (مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ) فمن هنا وإن كانت شرطا ففيها رائحة الاستفهام ، وقال في الجواب : (أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) ولم يقل فإن الله يعاقب من بدل نعمة الله ، فهو كما قال شديد العقاب في حال العقوبة ، فما ثم من يقدر يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته ، فيبدل نعمة الله بما هو خير منها بحسب الوقت ، فإن الحكم له ، قال تعالى : (لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ) وهي أعيان العالم ، وإنما التبديل لله لا لهم ، فقوله فيمن بدل نعمة الله من بعد ما جاءته إنه شديد العقاب ، أي يسرع تعالى إلى من هذه صفته بالعقاب ، وهو أن يعقبه فيما بدله أن التبديل لله عزوجل ليس له ، فيعرفه أنه بيده ملكوت كل شيء ، فإن الله ما قرن بهذا العقاب ألما ، ومتى لم يقرن الألم بعذاب أو عقاب فله محمل في عين الأمر المؤلم ، فإنه لا يخاف إلا من الألم ، ولا يرغب إلا في الالتذاذ خاصة ، هذا يقتضيه الطبع الذي وجد عليه من يقبل الألم واللذة.
(زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) (٢١٢)
____________________________________
استفهام ، وهو استفهام تقرير ، يقول : سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آيات النعم ، وقد ذكرناها فيما تقدم ، من تظليل الغمام وإهلاك عدوهم وغير ذلك ، فإذا أخبروك بما أنعمت عليهم ، وأقروا عندك بذلك واعترفوا فقل لهم : (وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ) أي من حق نعمة الله الشكر عليها ، فمن بدله بكفرها (فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) على ذلك ، ووجه آخر (كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ) على صدقك في كتبهم وعلى ألسنة رسلهم ، وهي نعمة مني عليهم ، حيث