في اليهودي إن تنصر ، والنصراني إن تهود ، هل يقتل أم لا؟ ولم يختلفوا فيه إن أسلم ، فإنه صلىاللهعليهوسلم ما جاء يدعو الناس إلا إلى الإسلام ، وجعل بعض العلماء أن هذا تبديل مأمور به ، وما هو عندنا كذلك ، فإن النصراني وأهل الكتاب كلهم إذا أسلموا ما بدلوا دينهم ، فإنه من دينهم الإيمان بمحمد صلىاللهعليهوسلم والدخول في شرعه إذا أرسل وأن رسالته عامة ، فما بدل أحد من أهل الدين دينه إذا أسلم ، وما بقي إلا المشرك ، فإن ذلك ليس بدين مشروع وإنما هو أمر موضوع من عند غير الله ، والله ما قال إلا (مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ) ورسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : من بدل دينه ، وإنما لم يسم الشرك دينا لأن الدين الجزاء ، ولا جزاء في الخير للمشرك على الشرك أصلا ، لا فيما سلف ولا فيما بقي ، فما أراد بالدين إلا الذي له جزاء في الخير والشر ، ما هو الدين الذي هو العادة ، فهو الدين المشروع الذي العادة جزء منه ، وقوله : (عَنْ دِينِهِ) الأوجه أن يكون الضمير في الهاء هنا يعود على ما هو عليه في ضمير المخاطب (مِنْكُمْ) سواء ، وإن جاز أن يكون ضمير الهاء يعود على الله ، لكن الأصل في الضمائر كلها عودها على أقرب مذكور إذا عريت عن قرائن الأحوال.
____________________________________
طرأ ، من بعث بعثه رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى نخلة إلى المشركين ، فأصابوا منهم ، وذلك في رجب وهو من الأشهر الحرم ، فعاب ذلك المشركون على المسلمين حيث أباح القتال في شهر حرام ، فلما وصل الخبر إلى النبي صلىاللهعليهوسلم نزلت هذه الآية (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ) أي عن القتال فيه فقال الله لرسوله (قُلْ) لهم يا محمد (قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) يعني ما أردتموه من قتالكم لنا في ذي القعدة لما صددتمونا (وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) وعن المسجد الحرام الذي كان منكم لنا (وَكُفْرٌ بِهِ) أي كفركم فيه (وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ) أي إخراجكم لنا وللمؤمنين من أهل الحرم من الحرم ، كل ذلك (أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ) من قتالنا إياكم في الشهر الحرام (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) إما يريد الشرك وإما يريد ما امتحنوا به من كان عندهم من المؤمنين وعذبوهم على الإسلام ، كخباب بن الأرت وبلال وغيرهما ، يقول : ذلك أكبر من القتل فيه ، فهذا تقرير وتقريع كيف أنكرتم علينا أمرا هو بالنسبة إلى ما فعلتموه أنتم وما تفعلونه كلا شيء ، ثم أخبر تعالى عنهم أنهم (وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا) وحتى هنا للعلة والسبب ، كما تقول : جئتك حتى تعطيني ، أي العلة في مجيئي إليك العطاء ، ثم أخبر الله المؤمنين فقال : (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ) أي من يرجع لأجل الفتنة عن دينه ، أي عن إيمانه وتصديقه ، فإنه يقول : (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) (فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ) أي ويبقى