(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢١٨) يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) (٢١٩)
ـ راجع إيجاز البيان ـ كل مسكر حرام ، فالحكم التحريم ، والعلة الإسكار ، فالحكم أعم من العلة الموجبة التحريم ، فإن التحريم قد يكون له سبب آخر غير السكر في أمر آخر ، والسكران هو الذي لا يعقل وهو مذهب أبي حنيفة ، وهو الصحيح في حد
____________________________________
على ردته إلى حين موته ، فإنه يموت كافرا (فَأُولئِكَ) إشارة لمن ارتد من المؤمنين (حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) أي بطل ما كانوا يرجون من الثواب على أعمالهم في الآخرة التي عملوها في الدنيا في حال الإسلام بالردة إلى الكفر ، فالعامل في الدنيا إنما هو أعمالهم ، والعامل في الآخرة حبطت ، يقول : (وَأُولئِكَ) الإشارة إليهم (أَصْحابُ النَّارِ) أهل النار (هُمْ فِيها خالِدُونَ) فيها معمول لخالدين ، وهنا تفصيل في ردتهم ، هل رجعوا عن توحيد الله أو عن الإيمان بما جاء من عنده؟ ولكل ردة مما ذكرناه حكم خاص وعذاب خاص ليس للآخر ، والقتال في الأشهر الحرم مختلف فيه بين العلماء ، فإن الله يقول (قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) فجعل ذلك من الكبائر وبه قال عطاء ، واحتج المبيح لذلك بغزوة حنين والطائف وأوطاس وبيعة الرضوان على القتال ، وذلك في شوال وبعض ذي العقدة ، وهو متأخر عن تحريم القتال فيه بلا شك (٢١٩) (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) الآية ، في هذه الآية تحريض لمن في مكة من المسلمين على الهجرة والجهاد في سبيل الله للمؤمنين ، فقال (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا) ولم يقل [وهاجروا] فيه تنبيه على من هاجر من دار الحرب وآثر جوار المسلمين وجاهد في سبيل الله مع المؤمنين (أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ) بأن يرزقهم الإيمان فيؤمنوا بطول مجالسة المؤمنين ومعاشرتهم (وَاللهُ غَفُورٌ) ما كان منهم من الخطايا في كفرهم (رَحِيمٌ) حيث منّ عليهم بالإيمان والمغفرة كما فعل بالمؤمنين ، وهذا الوجه سائغ في الآية ، وفي استعانة المؤمنين في القتال بالكفار خلاف ، وأنهم إن قاتلوا من غير استعانة من المؤمنين بهم بل تطوعا من أنفسهم