(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (٢٢٢)
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً) فيتأذى الرجل بالنكاح في دم الحيض ، وأما الاستحاضة فلا تمنع من الصلاة ولا من الوطء فالرجل لا يتأذى بالنكاح في دم الاستحاضة وإن كان عن مرض ، ودم النفاس حكمه حكم دم الحيض ، وكلاهما له زمان ومدة في الشرع ، ودم الاستحاضة ما له مدة يوقف عندها ، والحيض يمنع من الصلاة والصيام والوطء والطواف (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ) ولا يجتنب من الحائض إلا موضع الدم خاصة (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) بسكون الطاء وضم الهاء مخففا ، وقرئ بفتح الطاء والهاء مشددا ، ولذلك قال بجواز وطء الحائض قبل الاغتسال وبعد الطهر المحقق على قراءة من خفف ، ومن قائل بعدم جوازه على قراءة من شدد وهو محتمل ، وبالأول أقول ، ومن أتى امرأته وهي حائض فهو عاص ولا كفارة عليه (فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) إن الله يحب التوابين ، التوبة المشروعة هي التوبة من المخالفات ، والتوبة الحقيقية هي التبري من الحول والقوة بحول الله وقوته ، فليست التوبة
____________________________________
(وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) فيلحق بالنكاح الفاسد الذي لا ينعقد معه النكاح ، فإن الله قد أحبط عمله في الدنيا بقوله : (وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) وقال فيمن يموت وهو كافر : (حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) وقال : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) كسائر العبادات من الصوم والصلاة ، لم يكن ذلك عملا مشروعا لعدم المصحح وهو الإيمان ، والنكاح من جملة العبادات المشروعة ، والمشرك هو الذي يجعل مع الله إلها آخر سواء كان من أهل الكتاب أو من غير أهل الكتاب ، وإذا كان أهل الكتاب هم الذين أنزل إليهم الكتاب وجاءهم الرسول بذلك وكانوا كافرين بكتابهم وأمرنا الله بقتالهم حتى يعطوا الجزية ، فيجوز لنا نكاح بناتهم بقوله : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) ونمنع من ذلك بقوله : (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) على من يحمل النهي هنا على التحريم ، وقوله : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ) على أظهر