(لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٢٢٧)
لما علم سبحانه أن الافتراق لا بد منه لكل مجموع مؤلف لحقيقة خفيت عن أكثر الناس ، شرع الطلاق رحمة بعباده ليكونوا مأجورين في أفعالهم ، محمودين غير مذمومين إرغاما للشياطين ، ومع هذا فقد ورد في الخبر النبوي أنه صلىاللهعليهوسلم قال : ما خلق الله حلالا أبغض إليه من الطلاق.
____________________________________
حيث حلفتم به كاذبين وأنتم تعلمون أنه يعلم منكم خلاف ما حلفتم عليه ، وأما إضافة الأيمان إلينا فيدل ظاهرا على كل ما نحلف به عرفا وشرعا مما يسمى يمينا عندنا ، إلا أن يخرج الشرع من ذلك شيئا مثل قوله : [لا تحلفوا بآبائكم] وقوله : [من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت] ولا أعرف في صفة الأيمان المعتبرة يمينا متفقا عليها إلا اليمين بالله ، فانقسمت الأيمان إلى قسمين : إلى ما يجوز أن يحلف به ، وإلى ما لا يجوز أن يحلف به ، وما من قسم جوزته طائفة إلا ومنعته أخرى ، من الحلف بالله وبأسمائه وبصفاته وبأفعاله وما عظمه الشرع ، وما عندنا نص أن الله أقسم بشيء دون نفسه ، ولكن ثم ظواهر ، وسيرد الكلام في الأيمان إن شاء الله في سورة المائدة ، ثم قال من الأيمان : (٢٢٧) (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) الإيلاء اليمين يقال : آليت على الشيء آلية إذا حلفت عليه ، والإيلاء المعلوم في هذه الآية أن يحلف الرجل أن لا يطأ امرأته سواء كان على غضب أو غير غضب ، فإن العلماء اختلفوا في ذلك ، فقال ابن عباس لا إيلاء إلا بغضب ، والأوجه أن لا يعتبر في الإيلاء موجب ، ولا يعتبر فيه إلا العزم على ترك الجماع ، وسواء كان بيمين أو بغير يمين ، فإن كان بيمين وفاء كفر ، وإن كان بغير يمين وفاء لم يكفر ، فليس لليمين هنا حكم إلا الكفارة ، وإنما جاءت لفظة الإيلاء إذ كان الغالب أن لا يقع مثل هذا من الرجل إلا بيمين ، وقد يقع في الغالب عن الغضب ، ولهذا اعتبره ابن عباس ، وأما قوله : (تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) فهو حكم من الله تعالى لا يزاد فيه ، فمن زاد فيه فقد شرع ما لم يأذن به الله ، وسواء قيد المولي مدة هي الأربعة أشهر أو أكثر أو أطلقها ، فإنها لا تبلغ إلا أربعة أشهر خاصة ، لأنه قال : (تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ) يعني فيها أي في هذه المدة ، يقول : رجعوا ، ولا بد من الجماع في الرجوع فإن لم يجامع فالإيلاء باق على حكمه ، لأن الإيلاء والعزم وقع على ترك الجماع ، فلا تكون الفيئة إلا بوقوعه ، والمفهوم من الشرع في تعيين مدة الإيلاء إنما هو