عليه في نفسها ، وذلك الحد هو عين عبوديتها ، وحدّ الله هو الذي يكون له ، فإذا دخل العبد في نعت الربوبية وهو الله فقد تعدى حدود الله ، ومن يتعدّ حدود الله فأولئك هم الظالمون ، لأن حد الشيء يمنع ما هو منه أن يخرج منه وما ليس منه أن يدخل فيه.
(فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٢٣٠) وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٢٣١)
(وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) ومن ظلم نفسه كان لغيره أظلم ... (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ
____________________________________
يكون بائنا ، ثم قال : (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها) يريد بحدود الله ما نصبها من الأحكام (فَلا تَعْتَدُوها) أي لا يحلل ما حرم الله ولا يحرم ما أحل الله ، ثم قال : (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) على قدر ما تعدى منها ، فإن تعدى منها ما يرجع لنفسه كان ظالما لنفسه ، وإن تعدى منها ما يرجع إلى غيره كان ظالما لغيره ولنفسه ، ثم قال : (٢٣١) (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) يحتمل أن يريد بقوله : (فَإِنْ طَلَّقَها) يقول : فإن وقع ما ذكرناه من الفداء فقد طلقت بعد طلقتين ، فلا تحل له حتى تعقد على زوج آخر غيره ، ويحتمل أن لا يعتبر الخلع ولا يجعله طلاقا وأنه يجوز له مراجعتها إذا خالعها بعد التطليقتين ، ويعتبر صريح الطلاق ، يقول : فإن طلقها قبل أن يراجعها برضاها أو بعد مراجعته إياها برضاها ، فإنها بائن بالفداء ، فإنها تقع ثالثة إذ كانت بعد تطليقتين ولكن إذا تلفظ في الخلع بالطلاق أو ينويه طلاقا ويجعله مثل الكنايات فلا تحل له ، أي هي حرام عليه حتى تتزوج بغيره ، فهل تحل بمجرد العقد على الزوج الآخر للأول أم لا؟ فظاهر الآية جواز ذلك ، فإن العقد نكاح ، وبه قال ابن المسيب ،